فيقال إن المامون طلبه حتى ظفر به فسل لسانه من قفاه ويقال بل هرب ولم يزل متوارياً منه حتى مت ولم يقدر عليه وهذا هو الصحيح من القولين والآخر شاذ .
أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي قال حدثني الحسين بن عبد الله بن جبلة بن علي بن جبلة قال .
كان لجدي أولاد وكان علي أصغرهم وكان الشيخ يرق عليه فجدر فذهبت إحدى عينيه في الجدري ثم نشأ فأسلم في الكتاب فحذق بعض ما يحذقه الصبيان فحمل على دابة ونثر عليه اللوز فوقعت على عينيه الصحيحة لوزة فذهبت فقال الشيخ لولده أنتم لكم أرزاق من السلطان فإن أعنتموني على هذا الصبي وإلا صرفت بعض أرزاقكم إليه .
فقلنا وما تريد قال تختلفون به إلى مجالس الذب قال فكنا نأتي به مجالس العلم ونتشاغل نحن بما يلعب به الصبيان فما أتى عليه الحول حتى برع وحتى كان العالم إذا رآه قال لمن حوله أوسعوا للبغوي وكان ذكياً مطبوعاً فقال الشعر وبلغه أن الناس يقصدون أبا دلف لجوده وما كان يعطي الشعراء فقصده وكان يسمى العكوك فامتدحه بقصيدته التي أولها .
( ذاد وِرْدَ الغيَّ عن صدره ... وارعوى واللهوُ من وَطَره ) .
يقول فيها في مدحه .
( يا دواءَ الأرض إن فسدَت ... ومُديلَ اليُسر من عُسُره ) .
( كلّ مَن في الأرض من عَرَب ... بين باديه إلى حَضَره ) .
( مستعير منك مكرمة ... يكتسيها يومَ مُفتَخَره )