كنت عند سعيد بن حميد وكان قد ابتدأ ما بينه وبين فضل الشاعرة يتشعب وقد بلغه ميلها إلى بنان وهو بين المصدق والمكذب بذلك فأقبل على صديق له فقال أصبحت والله من أمر فضل في غرور أخادع نفسي بتكذيب العيان وأمنيها ما قد حيل دونه والله إن إرسالي إليها بعد ما قد لاح من تغيرها لذل وإن عدولي عنها وفي أمرها شبهه لعجز وإن تصبري عنها لمن دواعي التلف ولله در محمد بن أمية حيث يقول .
( يا ليت شِعْريِ ما يكون جوابي ... أمَّا الرسُول فقد مضى بكتابي ) .
( وتعجّلتْ نفسي الظنونُ وأشْعِرَت ... طمعَ الحريصِ وخِيفَةَ المُرتْاب ) .
( وتروعني حركاتُ كلِّ محرِّك ... والبابُ يقرعه وليس ببابي ) .
( كَمْ نحوَ بابِ الدار لِي مِن وَثْبةٍ ... أرجو الرسولَ بمَطْمع كذّاب ) .
( والويلُ لي مِن بعدِ هذا كلِّه ... إن كان ما أخشاه ردَّ جوابي ) .
حدثني جحظة قال حدثني علي بن يحيى المنجم قال .
غضب بنان على فضل الشاعرة في أمر أنكره عليها فاعتذرت إليه فلم يقبل معذرتها فأنشدتني لنفسها في ذلك .
( يا فضلُ صبراً إنها مِيتَةٌ ... يَجْرَعُها الكاذبُ والصادقُ ) .
( ظنَّ بُنانٌ أنني خُنتُه ... رُوحي إذاً مِن بَدَني طالقُ ) .
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني أبو العباس المروزي قال .
قال المتوكل لعلي بن الجهم قل بيتاً وطالب فضل الشاعرة بأن تجيزه فقال علي أجيزي يا فضل .
( لاذَ بها يشتِكي إليها ... فلم يجد عندها ملاذا ) .
قال فأطرقت هنيهة ثم قالت