معجلة فإن سألتني شيئاً بعدها في هذا اليوم فلا لوم علي إن لم أصلك سنة بشيء فقال له نعم وسنتين فقال له الرشيد زدني في الوثيقة فقال قد جعلت أمر أم صدقة في يدك فطلقها متى شئت إن شئت واحدة وإن شئت ألفاً إن سألتك في يومي هذا حاجة وأشهد الله ومن حضر على ذلك فدفع إليه المال ثم أذن للجلساء والمغنين فحضروا وشرب القوم .
فلما طابت نفس الرشيد قال له ابن جامع يا أمير المؤمنين قد نلت منك ما لم تبلغه أمنيتي وكثر إحسانك إلي حتى كبت أعدائي وقتلتهم وليست لي بمكة دار تشبه حالي فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لي بمال أبني به داراً وأفرشها بباقيه لأفقأ عيون أعدائي وأزهق نفوسهم فعل فقال وكم قدرت لذلك قال أربعة آلاف دينار فأمر له بها ثم قام إبراهيم الموصليّ فقال له قد ظهرت نعمتك علي وعلى أكابر ولدي وفي أصاغرهم من قد بلغ وأريد تزويجه ومن أصاغرهم من أحتاج إلى أن أطهره ومنهم صغار أحتاج إلى أن أتخذ لهم خدماً فإن رأى أمير المؤمنين أن يحسن معونتي على ذلك فعل فأمر له بمثل ما أمر لابن جامع وجعل كل واحد منهم يقول فيقول من الثناء ما يحضره ويسأل حاجة على قدر جائزته وأبو صدقة ينظر إليهم وإلى الأموال تفرق يميناً وشمالاً فوثب على رجليه قائماً وقال للرشيد يا سيدي أقلني أقال الله عثرتك فقال له الرشيد لا أفعل فجعل يستحلفه ويضطرب ويلح والرشيد يضحك ويقول ما إلى ذلك سبيل الشرط أملك .
فلما عيل صبره أخذ الدنانير فرمى بها بين يدي الرشيد وقال له هاكها قد رددتها عليك وزدتك فرج أم صدقة فطلقها إن شئت واحدة وإن شئت ألفاً وإن لم تلحقني بجوائز القوم فألحقني بجائزة هذا البارد ابن الباردة عمرو الغزال وكانت صلته ألف دينار فضحك الرشيد حتى استلقى ثم رد عليه الخمسمائة الدينار وأمر له بألف دينار معها وكان ذلك أكثر ما أخذه منه مذ يوم خدمه إلى أن مات فانصرف يومئذ بألف وخمسمائة دينار