دخل علي عبد الله بن العباس في يوم النصف من شعبان وهو يوم سبت وقد عزمت على الصوم فأخد بعضادتي باب مجلسي ثم قال يا أميري .
( تُصْبِحُ في السّبت غَيْرَ نشوانِ ... وقد مَضى عنك نِصفُ شعبان ) .
فقلت قد عزمتُ على الصوم فقال أفعليك وزر إن أفطرت اليوم لمكاني وسررتني بمساعدتك لي وصمت غداً وتصدقت مكان إفطارك فقلت أفعل فدعوت بالطعام فأكلت وبالنبيذ فشربنا وأصبح من غد عندي فاصطبح وساعدته فلما كان اليوم الثالث انتبهت سحراً وقد قال هذا الشعر وغنى فيه .
( شعبانُ لم يبقَ منه ... إلا ثَلاثٌ وعَشْرُ ) .
( فباكِر الرّاحَ صِرْفاً ... لا يَسْبِقَنّكَ فَجْرُ ) .
( فإن بَغُتكَ اصَطِباحٌ ... فلا يفوتَنْك سُكرُ ) .
( ولا تُنادِم فتىً وقتُ ... شُربه الدَّهْرَ عَصرُ ) .
قال فأطربني واصطبحت معه في اليوم الثالث فلما كان من آخر النهار سكر وانصرف وما شربنا يومنا كله إلى على هذا الصوت .
حدثني عمي قال حدثني ابن دهقانة النديم قال .
دخل عبد الله بن العباس إلى المتوكل في آخر شعبان فأنشده .
( عَلِّلاني نَعِمْتُما بُمدَامِ ... واسْقِياني من قَبْل شَهْر الصِّيامِ ) .
( حرَّم اللهُ في الصِّيام التَّصابي ... فتركناه طاعةً للإمامِ ) .
( أظهر العَدْلَ فاسْتَنار به الدِّينُ ... وأحيا شرائِعَ الإسلامَ ... ) .
فأمر المتوكل بالطعام فأحضر وبالنديم وبالجلساء فأتي بذلك فاصطبح وغناه عبد الله في هذه الأبيات فأمر له بعشرة آلاف درهم