ولا أغني إلا خليفة أو ولي عهد ومن لعله أن يكون حاضراً مجالسهم فطابت نفسه فأحضرني فغنيت الرشيد الصوت فطرب وضرب عليه أقداحاً وأمرني بالملازمة مع الجلساء وجعل لي نوبة وأمر بحمل عشرة آلاف دينار إلى جدي وأمره أن يبتاع ضيعة لي بها فابتاع لي ضيعتي بالأهواز ولم أزل ملازماً للرشيد حتى خرج إلى خراسان وتأخرت عنه وفرق الموت بيننا .
الواثق يقترض مالاً ليعطيه له .
قال ابن المرزبان فكان عبد الله بن العباس سبباً لمعرفة أولياء العهود برأي الخلفاء فيهم فكان منهم الواثق فإنه أحب أن يعرف هل يوليه المعتصم العهد بعده أم لا فقال له عبد الله أنا أدلك على وجه تعرف به ذلك فقال وما هو فقال تسأل أمير المؤمنين أن يأذن للجلساء والمغنين أن يصيروا إليك فإذا فعل ذلك فاخلع عليهم وعلي معهم فإني لا أقبل خلعتك لليمين التي علي ألا أقبل رفداً إلا من خليفة أو ولي عهد فقعد الواثق ذات يوم وبعث إلى المعتصم وسأله الإذن إلى الجلساء فأذن لهم فقال له عبد الله بن العباس قد علم أمير المؤمنين يميني فقال له أمض إليه فإنك لا تحنث فمضى إليه وأخبره الخبر فلم يصدقه وظن أنه يطيب نفسه فخلع عليه وعلى الجماعة فلم يقبل عبد الله خلعته وكتب إلى المعتصم يشكوه فبعث إليه اقبل الخلعة فإنه ولي عهدي ونمى إليه الخبر أن هذا كان حيلة من عبد الله فنذر دمه ثم عفا عنه .
وسر الواثق بما جرى وأمر إبراهيم بن رياح فاقترض له ثلثمائة ألف درهم فغرقها على الجلساء ثم عرف غضب المعتصم على عبد الله بن العباس واطراحه إياه فاطرحه هو أيضاً فلما ولي الخلافة استمر على جفائه فقال عبد الله .
( مالي جُفِيتُ وكنتُ لا أُجفَى ... أيام أرهبُ سطوةَ السَّيْفِ ) .
( أدعُو إلِهي أن أراكَ خليفةً ... بين المقام ومَسجد الخَيْفِ )