فلما تأتى لي وضربت عليه بالكنكلة عرضته على جارية لنا يقال لها راحة فاستحسنته وأخذته عني وكانت تختلف إلى إبراهيم الموصلي فسمعها يوماً تغنيه وتناغي به جارية من جواريه فاستعادها إياه وأعادته عليه فقال لها لمن هذا فقالت صوت قديم فقال لها كذبت لو كان قديماً لعرفته وما زال يداريها ويتغاضب عليها حتى اعترفت له بأنه من صنعتي فعجب من ذلك ثم غناه يوماً بحضرة الرشيد فقال له لمن هذا اللحن يا إبراهيم فأمسك عن الجواب وخشي أن يكذبه فينمى الخبر إليه من غيره وخاف من جدي أن يصدقه فقال له مالك لا تجيبني فقال لا يمكنني يا أمير المؤمنين فاستراب بالقصة ثم قال والله وتربة المهدي لئن لم تصدقني لأعاقبنك عقوبة موجعة وتوهم أنه لعلية أو لبعض حرمه فاستطير غضبا فلما رأى إبراهيم الجد منه صدقه فيما بينه وبينه سراً فدعا لوقته الفضل بن الربيع ثم قال له أيصنع ولدك غناء ويرويه الناس ولا تعرفني فجزع وحلف بحياته وبيعته أنه ما عرف ذلك قط ولا سمع به إلا في وقته ذلك فقال له ابن ابنك عبد الله بن العباس أحضرنيه الساعة فقال أنا أمضي وأمتحنه فإن كان يصلح للخدمة أحضرته وإلا كان أمير المؤمنين أولى من ستر عورتنا فقال لا بد من إحضاره فجاء جدي فأحضرني وتغيظ علي فاعتذرت وحلفت له أن هذا شيء ما تعمدته وإنما غنيت لنفسي وما أدري من أين خرج فأمر بإحضار عود فأحضر وأمرني فغنيته الصوت فقال قد عظمت مصيبتي فيك يا بني فحلفت له بالطلاق والعتاق ألا أقبل على الغناء رفداً أبداً