فتنغص عليه يومه وتفرق من كان عنده ومكث مدة لا يعرف لها خبراً فبينا هو جالس ذات يوم مع أصحابه إذ سقط هدهد على برادته فصاح ثلاثة أصوات وطار فقال عبد الله بن العباس وأي شيء أبقى الغراب للهدهد علينا وهل ترك لنا أحداً يؤذينا بفراقه وتطير من ذلك فما فرغ من كلامه حتى دخل رسولها يعلمه أنها قد قدمت منذ ثلاثة أيام وأنها قد جاءته زائرة على إثر رسُولِها فقال في ذلك من وقته .
( سقاكَ اللهُ يا هُدهدُ ... وَسْيمِيَّا من القَطْرِ ) .
( كما بَشَّرتَ بالوَصْلِ ... وما أنْذَرْت بالَهَجْرِ ) .
( فكم ذا لكَ من بُشْرَى ... أَتْتني منك في سِتْرِ ) .
( كما جاءت سُليمانَ ... فأوفت منه بالنّذْرِ ) .
( ولا زال غُرابُ البيْن ... في قُفاعَة الأسْرِ ) .
( كما صَرّح بالبَيْنِ ... وما كُنتُ به أَدْرِي ) .
ولحنه في هذا الشعر هزج .
عبد الله والمتوكل والمنتصر .
حدثني عمي قال حدثني ميمون بن هارون قال قال إسحاق بن إبراهيم ابن مصعب .
قال لي عبد الله بن العباس الربيعي لما صنعت لحني في شعري .
( ألا أصبَحاني يوم السّعانينِ ... من قَهْوةٍ عُتِّقَت بِكر كِينِ ) .
( عند أُناسٍ قَلبي بهم كلِفٌ ... وإن تولّوْا دِيناً سِوَى دِينِي )