كان عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع قد علق جارية نصرانية قد رآها في بعض أعياد النصارى فكان لا يفارق البيع في أعيادهم شغفاً بها فخرج في عيد ما سرجيس فظفر بها في بستان إلى جانب البيعة وقد كان قبل ذلك يراسلها ويعرفها حبه لها فلا تقدر على مواصلته ولا على لقائه إلا على الطريق فلما ظفر بها التوت عليه وأبت بعض الإباء ثم ظهرت له وجلست معه وأكلوا وشربوا وأقام معها ومع نسوة كن معها أسبوعاً ثم انصرفت في يوم خميس فقال عبد الله بن العباس في ذلك وغنى فيه .
( رُبَّ صَهْباء من شَرابِ المَجُوسِ ... قهوةٍ بابِليَّةٍ خَنْدَرِيسِ ) .
( قد تَجَلَّيتُها بنايٍ وعُودٍ ... قبل ضربِ الشَّمَّاس بالنّاقوسِ ) .
( وغَزال مُكَحَّلٍ ذِي دلالٍ ... ساحرِ الطرْفِ سامِريَّ عَرُوسِ ) .
( قد خَلَوْنا بطِيبِه نَجْتَلِيه ... يوم سَبْتٍ إلى صَباحِ الخمِيسِ ) .
( بين وَردٍ وبين آسٍ جَنِيٍّ ... وسط بُسْتان دَيْر ما سَرْجِيسِ ) .
( يَتَثَنَّى بحُسنِ جِيدِ غزَالٍ ... وصَلِيبِ مُفَضَّضٍ آبَنُوسِي ) .
( كم لثمتُ الصلِيّبَ في الجِيد منها ... كِهلالٍ مَكَلَّلٍ بشُمُوسِ ) .
أخبرني عمي قال حدثني أحمد بن المرزبان عن شيبة بن هشام قال .
كان عبد الله بن العباس يوماً جالساً ينتظر هذه النصرانية التي كان يهواها وقد وعدته بالزيارة فهو جالس ينتظرها ويتفقدها إذ سقط غراب على برادة داره فنعب مرة واحدة ثم طار فتطير عبد الله من ذلك ولم يزل ينتظرها يومه فلم يرها فأرسل رسوله عشاء يسأل عنها فعرف أنها قد انحدرت مع أبيها إلى بغداد