( وأراك تَكْلَف بالعتاب وودُّنا ... باقٍ عليه من الوفاء دليلُ ) .
( ودٌّ بدا لذَوِي الإخاء جميلُه ... وبدت عليه بهجةٌ وقبولُ ) .
( ولعلَّ أيام الحياة قصيرةٌ ... فَعلام يكثُر عتبنا ويطولُ ) .
أخبرني الطلحي قال حدثني أبو علي بن أبي الرعد أن سعيد بن حميد كان يهوى مظلومة جارية الدقيقي فبلغه أنها تواصل بعض أعدائه فهجرها مدة فكتبت إليه تعاتبه وتتشوقه فكتب إليها .
( أمرِي وأمرُك شيءٌ غير مُتَّفقِ ... والهجر أفضل من وصلٍ على مَلَقِ ) .
( لا أُكْذِبُ الله ما نفسِي بساليةٍ ... ولا خليقةُ أهل الغدْرِ مِنْ خُلُقِي ) .
( فإن وثقتِ بُودٍّ كنتُ أبذُله ... فعاوِدِي سوءَ ظن بي ولا تَثِقِي ) .
وذكر اليوسفي الكاتب أنه حضر سعيدا في منزل بعض إخوانه وعندهم هبة المغنية وكان سعيد يتعشقها ويهيم بها فغضبت عليه يوما لبعض الكلام على النبيذ ودخلت بعد ذلك وهو في القوم فسلمت عليهم سواه فقالوا لها أتهجرين أبا عثمان فقالت أحب أن تسألوه ألا يكلمني فقال سعيد .
( اليوم أيقنتُ أنّ الهجرَ مَتلَفةٌ ... وأنَّ صاحبَه منه على خَطَرِ ) .
( كيف الحياة لِمَن أمسى على شَرفٍ ... من المنِيّة بين الخَوْفِ والحَذَرِ ) .
( يلومُ عَينَيه أحياناً بذَنْبهما ... ويحمِل الذنبَ أحياناً على القَدَرِ ) .
( تنأوْنَ عنه وَينأى قلبُه معكم ... فقلبُه أبداً منه على سَفَرِ ) .
فوثبت إليه وقبلت رأسه وقالت لا أهجرك والله أبدا ما حييت .
أخبرني جحظة قال حدثني ميمون بن هارون قال