( وهبتُ لثَروانَ بن مُرَّةَ نفسَه ... وقد أمكَنَتني من ذُؤابَتِه يدِي ) .
( وأحمِل ما في اليوم من سُوء رأيهِ ... رَجاء التي يأتي بها الله في غدِ ) .
فقال خفاف إني والله ما وجدت لعباس مثلا إلا ثروان بني زبيد فإنه كان يلقى من شبام ما ألقى من العباس من الأذى فقال ثروان .
( رأيتُ شِباماً لا يزال يَعيبُني ... فلِلَّه ما بالي وبالُ شِبامِ ) .
( فقَصْرُك منّي ضربةٌ مازِنِيَّةٌ ... بكفِّ فتىً في القوم غيرِ كَهامِ ) .
( فتُقصِر عني يا شِبامُ بنَ مالكٍ ... وما عَضَّ سيفي شاتمي بحرَامِ ) .
فقال عباس جزاك الله عني يا خفاف شرا فقد كنت أخف بني سليم من دمائها ظهرا وأخمصها بطنا فأصبحت العرب تعيرني بما كنت أعيب عليها من الاحتمال وأكل الأموال وصرت ثقيل الظهر من دمائها منفضج البطن من أموالها وأنشأ يقول .
( ألم ترَ أني تركتُ الحروبَ ... وأنّي نَدِمت على ما مَضَى ) .
( ندامةَ زارٍ على نفسه ... لتِلك التي عارُها يُتَّقى ) .
( فلم أُوقِد الحربَ حتى رَمَى ... خُفافٌ بأسهُمه مَنْ رَمَى ) .
( فإن تَعطِف القومَ أحلامُهم ... فيرجِعَ من وُدِّهم ما نأى ) .
( فلستُ فَقِيراً إلى حَرْبِهِم ... وما بيَ عن سَلْمِهِم من غِنَى ) .
فقال خفاف .
( أعبَّاسُ إمَّا كَرِهْتَ الحروبَ ... فقد ذُقْتَ من عَضِّها ما كَفَى ) .
( أَأَلْقَحْتَ حَرباً لها شِدَّة ... زَماناً تُسعِّرُها باللَّظَى ) .
( فلمّا تَرَقَّيْتَ في غَيِّها ... دَحَضْت وزَلَّ بكَ المرْتَقَى )