يعلمهم أنه سيرسل بي إلى داره وقال لدنانير إذا جاءك إبراهيم فاعرضي عليه الصوت الذي صنعته واستحسنته فإن قال لك أصبت سررتني بذلك وإن كرهه فلا تعلميني لئلا يزول سروري بما صنعت قال إسحاق قال أبي فحضرت الباب فأدخلت وإذا الستارة قد نصبت فسلمت على الجارية من وراء الستارة فردت السلام وقالت يا أبت أعرض عليك صوتا قد تقدم لا شك إليك خبره وقد سمعت الوزير يقول إن الناس يفتنون بغنائهم فيعجبهم منه ما لا يعجب غيرهم وكذلك يفتنون بأولادهم فيحسن في أعينهم منهم ما ليس يحسن وقد خشيت على الصوت أن يكون كذلك فقلت هات فأخذت عودها وتغنت تقول .
صوت .
( نَفْسِي أكنتُ عليك مُدّعياً ... أم حين أزمع بَيْنَهم خُنتِ ) .
( إن كنت مولعةً بذكرهمُ ... فعلى فراقِهمُ ألا مُتِّ ) .
قال فأعجبني والله غاية العجب واستخفني الطرب حتى قلت لها أعيديه فأعادته وأنا أطلب لها فيه موضعا أصلحه وأغيره عليها لتأخذه عني فلا والله ما قدرت على ذلك ثم قلت لها أعيديه الثالثة فأعادته فإذا هو كالذهب المصفى فقلت أحسنت يا بنية وأصبت وقد قطعت عليك بحسن إحسانك وجودة إصابتك أنك قائدة للمعلمين إذ قد صرت تحسنين الاختيار وتجيدين الصنعة قال ثم خرج فلقيه يحيى بن خالد فقال كيف رأيت صنعة ابنتك دنانير قال أعز الله الوزير والله ما يحسن كثير من حذاق المغنين مثل هذه الصنعة ولقد قلت لها أعيديه وأعادته علي مرات كل ذلك أريد إعناتها لأجتلب لنفسي مدخلا يؤخذ عني وينسب إلي فلا والله ما وجدته فقال لي يحيى وصفك لها يقوم مقام تعليمك إياها وقد - والله - سررتني وسأسرك فوجه إليه بمال عظيم