فلما بعث كسرى بهذه العير قال هوذة للأساورة انظروا الذي تجعلونه لبني تميم فأعطونيه فأنا أكفيكم أمرهم وأسير فيها معكم حتى تبلغوا مأمنكم فخرج هوذة والأساورة والعير معهم من هجر حتى إذا كانوا بنطاع بلغ بني سعد ما صنع هوذة فساروا إليهم وأخذوا ما كان معهم واقتسموه وقتلوا عامة الأساورة وسلبوهم وأسروا هوذة بن علي فاشترى هوذة نفسه بثلاثمائة بعير فساروا معه إلى هجر فأخذوا منه فداءه ففي ذلك يقول شاعر بني سعد .
( ومِنّا رئيسُ القَوْمِ ليلةَ أدلَجُوا ... بهَوْذَةَ مقرونَ اليدين إلى النَّحْرِ ) .
( ورَدْنا به نَخْلَ اليمامةِ عانِياً ... عليه وَثاقُ القِدّ والحَلَقِ السُّمْرِ ) .
فعمد هوذة عند ذلك إلى الأساورة الذين أطلقهم بنو سعد وكانوا قد سلبوا فكساهم وحملهم ثم انطلق معهم إلى كسرى وكان هوذة رجلا جميلا شجاعا لبيبا فدخل عليه فقص أمر بني تميم وما صنعوا فدعا كسرى بكأس من ذهب فسقاه فيها وأعطاه إياها وكساه قباء ديباج منسوجا بالذهب واللؤلؤ وقلنسوة قيمتها ثلاثون ألف درهم وهو قول الأعشى .
( له أكاليلُ بالياقوت فصَّلها ... صَوَّاغُها لا ترى عَيْباً ولا طَبَعا ) .
وذكر أن كسرى سأل هوذة عن ماله ومعيشته فأخبره أنه في عيش رغد وأنه يغزو المغازي فيصيب .
فقال له كسرى في ذلك كم ولدك قال عشرة قال فأيهم أحب إليك قال غائبهم حتى يقدم وصغيرهم حتى يكبر ومريضهم حتى يبرأ قال كسرى الذي أخرج منك هذا العقل حملك على أن طلبت مني الوسيلة وقال