الربيع ينادم النعمان مع رجل من أهل الشام تاجر يقال له سرجون بن توفل وكان حريفا للنعمان - يعني سرجون - يبايعه وكان أديبا حسن الحديث والمنادمة فاستخفه النعمان وكان إذا أراد أن يخلو على شرابه بعث إليه وإلى النطاسي - متطبب كان له - وإلى الربيع بن زياد وكان يدعى الكامل .
فلما قدم الجعفريون كانوا يحضرون النعمان لحاجتهم فإذا خلا الربيع بالنعمان طعن فيهم وذكر معايبهم ففعل ذلك بهم مرارا وكانت بنو جعفر له أعداء فصده عنهم فدخلوا عليه يوما فرأوا منه تغيرا وجفاء وقد كان يكرمهم قبل ذلك ويقرب مجلسهم فخرجوا من عنده غضابا ولبيد في رحالهم يحفظ أمتعتهم ويغدوا بإبلهم كل صباح فيرعاها فإذا أمسى انصرف بإبلهم فأتاهم ذات ليلة فألفاهم يتذاكرون أمر الربيع وما يلقون منه فسألهم فكتموه فقال لهم والله لا أحفظ لكم متاعا ولا أسرح لكم بعيرا أو تخبروني .
وكانت أم لبيد امرأة من بني عبس وكانت يتيمة في حجر الربيع فقالوا خالك قد غلبنا على الملك وصد عنا وجهه فقال لهم لبيد هل تقدرون على أن تجمعوا بينه وبيني فأزجره عنكم بقول ممض ثم لا يلتفت النعمان إليه بعده أبدا فقالوا وهل عندك من ذلك شيء قال نعم قالوا فإنا نبلوك بشتم هذه البقلة - لبقلة قدامهم دقيقة القضبان قليلة الورق لاصقة فروعها بالأرض تدعى التربة - فقال هذه التربة التي لا تذكي نارا ولا تؤهل دارا ولا تسر جارا عودها ضئيل وفرعها كليل وخيرها قليل بلدها شاسع ونبتها خاشع وآكلها جائع والمقيم عليها ضائع أقصر البقول فرعا وأخبثها مرعى وأشدها قلعا فتعسا لها وجدعا ألقوا بي أخا بني عبس أرجعه عنكم بتعس ونكس وأتركه من أمره في لبس .
فقالوا نصبح فنرى فيك رأينا فقال لهم عامر انظروا غلامكم فإن