لأنك كنت صغيرا وقد كبرت الآن فلما أكثرت عليه خرج من عندها وبصر بابن الدمينة واقفا ينشد الناس فغدا إلى جزار فأخذ شفرته وعدا على ابن الدمينة فجرحه جراحتين فقيل إنه مات لوقته وقيل بل سلم تلك الدفعة ومر به مصعب بعد ذلك وهو في سوق العبلاء ينشد فعلاه بسيفه حتى قتله وعدا وتبعه الناس حتى اقتحم دارا وأغلقها على نفسه فجاءه رجل من قومه فصاح به يا مصعب إن لم تضع يدك في يد السلطان قتلتك العامة فاخرج فلما عرفه قال له أنا في ذمتك حتى تسلمني إلى السلطان قال نعم فخرج إليه ووضع يده في يده فسلمه إلى السلطان فقذفه في سجن تبالة .
قال السكري في خبره ومكث ابن الدمينة جريحا ليلته ومات في غد فقال في تلك الليلة يحرض قومه ويوبخهم .
( هَتفتَ بأكْلُبٍ ودَعَوْتَ قَيْساً ... فلا خذُلاً دعَوْتَ ولا قَلِيلا ) .
( ثأرتَ مزاحماً وسَرَرت قيْساً ... وكنتَ لِما هممت بِه فَعُولا ) .
( فلا تَشلَلْ يَدَاك ولا تزالاَ ... تُفِيدان الغنائمَ والجزِيلاَ ) .
( فلو كان ابْنُ عبْدِ الله حيّاً ... لصبَّحَ في منازِلَها سَلُولاَ ) .
قال وبلغ مصعبا أن قوم ابن الدمينة يريدون أن يقتحموا عليه سجن تبالة فيقتلوه به غيلة فقال يحرض قومه .
( لقيتُ أبا السَّرِيِّ وقد تَكَالا ... لهُ حقُّ العداوَةِ في فؤادي ) .
( فكاد الغيظُ يُفْرِطَني إليه ... بطَعْن دونه طَعْنُ السَّدَادِ ) .
( إذا نبحَتْ كِلابُ السجْنِ حَوْلِي ... طَمِعْتُ هشَاشَةً وهَفا فُؤادِي ) .
( طماعَةَ أنْ يدَُقَّ السجْنَ قَوْمِي ... وخَوْفَا أنْ يُبَيِّتَنِي الأعادِي ) .
( فما ظنِّي بقومي شَرُّ ظَنٍّ ... ولا أنْ يُسْلِمُوني في البلادِ )