كان عبد الرحمن بن سيحان قد غاظ مروان بن الحكم أيام كان معاوية يعاقب بينه وبين سعيد بن العاص في ولاية الحرمين وأنكر عليه أشياء بلغته فغاظته من مدحه سعيدا وانقطاعه إليه وسروره بولايته فرصده حتى وجده خارجا من دار الوليد بن عثمان وهو سكران فضربه الحد ثمانين سوطا .
وقدم البريد من المدينة على معاوية فسأله عن أخبار الناس فجعل يخبره بها حتى انتهى به الحديث إلى ابن سيحان فأخبره أن مروان ضربه الحد ثمانين فغضب معاوية وقال والله لو كان حليف أبي العاص لما ضربه ولكنه ضربه لأنه حليف حرب أليس هو الذي يقول .
( وإني امرؤٌ حِلْفٌ إلى أفضل الوَرَى ... عَدِيداً إذا ارْفَضّتْ عَصا المْتَحلّفِ ) .
كذب والله مروان لا يضربه في نبيذ أهل المدينة وشكهم وحمقهم ثم قال لكاتبه أكتب إلى مروان فليبطل الحد عن ابن سيحان وليخطب بذلك على المنبر وليقل إنه كان ضربه على شبهة ثم بان له أنه لم يشرب مسكرا وليعطه ألفي درهم .
فلما ورد الكتاب على مروان عظم ذلك عليه ودعا بابنه عبد الملك فقرأه عليه وشاوره فيه فقال له عبد الملك راجعه ولا تكذب نفسك ولا تبطل حكمك فقال مروان أنا أعلم بمعاوية إذا عزم على شيء أو أراده لا والله لا اراجعه .
فلما كان يوم الجمعة وفرغ من الخطبة قال وابن سيحان فإنا كشفنا أمره فإذا هو لم يشرب مسكر وإذا نحن قد عجلنا عليه وقد أبطلت عنه الحد .
ثم نزل فأرسل إليه بألفي درهم