فقال ابن سريج أحسنت والله يا عزة وأخرجت سكينة الدملج الآخر من يدها فرمته إلى عزة وقالت صيري هذا في يدك ففعلت ثم قالت لعبيد هات غننا فقال حسبك ما سمعت البارحة فقالت لا بد أن تغنينا في كل يوم لحنا فلما رأى ابن سريج أنه لا يقدر على الامتناع مما تسأله غنى .
( قالت مَنْ أنْتَ على ذُكْرٍ - فقلت لها ... أنا الذي ساقَهُ للحَيْن مقْدَارُ ) .
( قد حانَ منكِ - فلا تَبْعُدْ بك الدار - ... بَيْنٌ وفي البَيْنِ للمَتْبُولِ إضْرَارُ ) .
ثم قالت لعزة في اليوم الثاني غني فغنت لحنها في شعر الحارث بن خالد - ولابن محرز فيه لحن - ولحن عزة أحسنهما .
( وقرَّتْ بها عَيْنِي وقد كنتُ قبْلَها ... كثيرَ البكاءِ مُشْفِقاً مِنْ صُدُودِها ) .
( وَبِشْرَة خَوْدٌ مِثْل تمثالِ بيعَةٍ ... تظلُّ النصارَى حوله يَوْمَ عِيدها ) .
قال ابن سريج والله ما سمعت مثل هذا قط حسنا ولا طيبا .
ثم قالت لابن سريج هات فاندفع يغني .
( أرقتُ فلم أنَمْ طَرَبا ... وبِتّ مُسَهَّداً نَصِبا ) .
( لِطَيْفِ أحبِّ خَلْقِ الله ... إنساناً وإنْ غَضِبا ) .
( فلم أرددْ مقالَتَها ... ولم أكُ عاتِباً عَتَبا ) .
( ولكنْ صرَّمَتْ حَبْلِي ... فأمسّى الحَبْلُ مُنْقَضِيا )