فحل الخمرة وليس فحل الشعر .
وكان عبد الرحمن شاعرا مقلا إسلاميا ليس من الفحول المشهورين ولكنه كان يقول في الشراب والغزل والفخر ومدح أحلافه من بني أمية وهو أحد المعاقرين للشراب والمحدودين فيه وكان مع بني أمية كواحد منهم إلا أن اختصاصه بآل أبي سفيان وآل عثمان خاصة كان أكثر وخصوصه بالوليد بن عثمان ومؤانسته إياه أزيد من خصوصه بسائرهم لأنهما كانا يتنادمان على الشراب .
وهذه الأبيات التي فيها الغناء يقولها في الوليد بن عثمان وقيل بل في الوليد بن عتبة .
وخبره في ذلك يذكر بعد هذا .
أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي قال قال عتبة بن المنهال المهلبي حدثني غير واحد من أهل الحجاز قالوا .
كان ابن سيحان حليفا لقريش ينزل بالمدينة وكان نديما للوليد بن عثمان فأصابه ذات يوم خمار فذهب لسانه وسكنت أطرافه وصرخ أهله عليه فأقبل الوليد إليه فزعا فلما رآه قال أخي مخمور ورب الكعبة ثم أمر غلاما له فأتاه بشراب من منزله في إداوة فأمر به فأسخن ثم سقاه إياه وقيأه وصنع له حساء وجعل على رأسه دهنا وجعل رجليه في ماء سخن فما لبث أن انطلق وذهب ما كان به .
ومات الوليد بعد ذلك .
فبينا ابن سيحان يوما جالس وبعض متاعه ينقل من بيت إلى بيت إذ مرت الخادم بإداوة الوليد التي كان داواه بما فيها من الشراب وقد يبست وتقبضت فانتحب وقال .
( لا تَبْعَدَنَّ إداوةٌ مطروحةٌ ... كانتْ حديثاً للشرابِ العاتِقِ ) وذكر باقي الأبيات .
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا أحمد بن معاوية عن الواقدي قال حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة عن أبيه قال .
كان الوليد بن عثمان بن عفان يشرب مع الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وابن سيحان وكان يخمر فأصابه من ذلك شيء شديد خيف عليه وشق النساء عليه الجيوب فدعي له ابن سيحان فلما رآه قال اخرجن عني وعن أخي فخرجن فقال له الصبوح أبا عبد الله فجلس مفيقا فذلك حيث يقول ابن سيحان .
( بأبي الوليدُ وأُمِّ نفسي كلّما ... بَدَتِ النجومُ وذَرّ قَرْنُ الشارِق ) .
( أَثْْْوَى فأكرَمَ في الثَّوَاء وقُضِّيَتْ ... حاجاتُنا من عند أَرْوَعَ باسِقِ ) .
( كم عنده من نائلٍ وسماحةٍ ... وفضائلٍ معدودةٍ وخلائقِ ) .
( وسَمَاحةٍ للمُعْتَفِين إذا اعتَفَوْْا ... في ماله حَقَّا وقَوْلٍ صادقٍ ) .
( لا تَبْعَدَنَّ إداوةٌ مطروحةٌ ... كانتْ حَديثاً للشرابِ العاتِقِ ) .
أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد بن إسحاق عن أبيه قال .
كان الوليد بن عثمان يكنى أبا الجهم وكان لابن سيحان صديقا ونديما وكان صاحب شراب فمرض فعاده الوليد وقال ما تشتهي قال شرابا فبعث فجائه بشراب في إداوة .
ثم ذكر باقي الخبر نحو الذي قبله .
أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه عن