قال ابن حبيب في خبره وكان جذيمة من أفضل الملوك رأياً وأبعدهم مغاراً وأشدهم نكاية وهو أول من استجمع له الملك بأرض العراق وكانت منازله ما بين الأنبار وبقة وهيت وعين التمر وأطراف البر والقطقطانة والحيرة فقصد في جموعه عمرو بن الظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العاملي من عاملة العماليق فجمع عمرو جموعه ولقيه فقتله جذيمة وفض جموعه فانفلوا وملكوا عليهم ابنته الزباء وكانت من أحزم الناس فخافت أن تغزوها ملوك العرب فاتخذت لنفسها نفقاً في حصن كان لها على شاطئ الفرات وسكرت الفرات في وقت قلة الماء وبنت أزجا من الآجر والكلس متصلاً بذلك النفق وجعلت نفقاً آخر في البرية متصلاً بمدينة لأختها ثم أجرت الماء عليه فكانت إذا خافت عدواً دخلت النفق .
فلما اجتمع لها أمرها واستحكم ملكها أجمعت على غزو جذيمة ثائرة بأبيها فقالت لها أختها وكانت ذات رأي وحزم إنك إن غزوت جذيمة فإنه امرؤ له ما يصده فإن ظفرت أصبت ثأرك وإن ظفر بك فلا بقية لك والحرب سجال ولا تدرين كيف تكون ألك أم عليك ولكن ابعثي إليه فأعلميه أنك قد رغبت في أن تتزوجيه وتجمعي ملكك إلى ملكه وسليه أن يجيبك إلى ذلك لأنه إن اغتر ففعل ظفرت به بلا مخاطرة .
فكتبت الزباء في ذلك إلى جذيمة تقول له إنها قد رغبت في صلة بلدها ببلده وإنها في ضعف من سلطانها وقلة ضبط لمملكتها وإنها لم تجد كفأ غيره وتسأله الإقبال عليها وجمع ملكها إلى ملكه .
فلما وصل ذلك إليه استخفه وطمع