خفت الوحشة فأحببت أن أستأنس بكما .
فقال طلحة من أنت قال أنا متمم ابن نويرة .
فقال طلحة واسوأتاه لقد مللنا غير مملول .
هات بعض ما ذكرت في أخيك من البكاء .
فزوجوه أم خالد فبينا هو واضع رأسه على فخذها إذ بكى فقالت لا إله إلا الله أما تنسى أخاك فأنشأ يقول - طويل - .
( أقولُ لها لما نهتني عن البُكا ... أفي مالكٍ تَلْحَيْنني أمَّ خالدِ ) .
( فإنْ كان إخواني أصيبوا وأخطأتْ ... بني أمك اليومَ الحُتوفُ الرواصدُ ) .
( فكلُّ بني أمّ سيُمْسُونَ ليلةً ... ولم يَبْقَ من أعيانِهِمْ غيرُ واحِد ) .
أما معنى قول متمم .
( وكنا كَندمانَيْ جَذيمةَ حِقْبةً ... ) .
فإنه يعني نديمي جذيمة الأبرش الملك وهو جذيمة بن مالك بن فهم ابن غانم بن دوس بن عدثان الأسدي .
وكان الخبر في ذلك ما أخبرنا به علي بن سليمان الأخفش عن أبي سعيد السكري عن محمد بن حبيب .
وذكر ابن الكلبي عن أبيه والشرقي وغيره من الرواة أن جذيمة الأبرش وأصله من الأزد وكان أول من ملك قضاعة بالحيرة وأول من حدا النعال وأدلج من الملوك ورفع له الشمع قال يوماً لجلسائه قد ذكر لي عن غلام من لخم مقيم في أخواله من إياد له ظرف ولب فلو بعثت إليه يكون في ندماني ووليته كأسي والقيام بمجلسي كان الرأي .
فقالوا الرأي ما رأى الملك فليبعث إليه .
ففعل فلما قدم فعل به ما أراد له فمكث كذلك مدة طويلة ثم أشرفت عليه يوماً رقاش ابنة الملك أخت جذيمة فلم تزل تراسله