يدعوه وإن أبطأ فقام الناس للرحيل وترحلوا إلا من كان في الخان الذي فيه عمرو فلما أبطأ صحنا به يا أبا ثور .
فلم يجبنا وسمعنا علزا شديداً ومراسا في الموضع الذي دخله وقصدناه فإذا به حمرة عيناه مائلاً شدقه مفلوجاً فحملناه على فرس وأمرنا غلاماً شديد الذراع فارتدفه ليعدل ميله فمات بروذة ودفن على قارعة الطريق .
فقالت امرأته الجعفية ترثيه - طويل - .
( لقد غَادَرَ الركبُ الذين تحمَّلُوا ... بِرُوذَة شخصاً لا ضعيفاً ولا غُمْرا ) .
( فقل لزُبيدٍ بل لمذحِجَ كلِّها ... فَقَدْتُم أبا ثورٍ سِنانَكُمْ عَمْرا ) .
( فإن تجزعوا لا يُغْنِ ذلك عنكُمُ ... ولكن سَلُوا الرحمن يُعْقِبكُم صَبْرا ) .
والأبيات العينية التي فيها الغناء وبها افتتح ذكر عمرو يقولها في أخته ريحانة بنت معد يكرب لما سباها الصمة بن بكر وكان أغار على بني زبيد في قيس فاستاق أموالهم وسبى ريحانة وانهزمت زبيد بين يديه وتبعه عمرو وأخوه عبد الله ابنا معد يكرب ثم رجع عبد الله واتبعه عمرو .
فأخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام أن عمراً اتبعه يناشده أن يخلي عنها فلم يفعل فلما يئس منها ولى وهي تناديه بأعلى صوتها يا عمرو فلم يقدر على انتزاعها وقال - وافر - .
( أمِنْ ريحانَةَ الدَّاعِي السَّميعُ ... يؤرِّقني وأصحابي هُجوعُ ) .
( سَباها الصِّمَّةُ الجشميُّ غَصْباً ... كأنّ بياضَ غرَّتها صَدِيع ) .
( وحالت دونَها فُرسانُ قيسٍ ... تكشَّفُ عن سواعدها الدُّروع ) .
( إذا لم تستطِع شيئاً فَدَعْهُ ... وجاوِزْه إلى ما تستطيع )