من الليل إلا أقله قالت له قم فنم فإني أجدني صالحة قد ذهب عني ما كنت أجده .
وإنما فعلت به ذلك ليثقل رأسه وليشتد نومه على طول السهر .
فلما نام قامت وأخذت حبلاً شديداً وأوثقته برأس الحصن ثم تدلت منه وانطلقت إلى قومها فأنذرتهم وأخبرتهم بالذي أجمع هو وقومه من ذلك فحذر القوم وأعدوا واجتمعوا .
فأقبل أحيحة في قومه فوجد القوم على حذر قد استعدوا فلم يكن بينهم كبير قتال ثم رجع أحيحة فرجعوا عنه وقد فقدها أحيحة حين أصبح فلما رأى القوم على حذر قال هذا عمل سلمى خدعتني حتى بلغت ما أرادت .
وسماها قومها المتدلية لتدليها من رأس الحصن .
فقال في ذلك أحيحة وذكر ما صنعت به سلمى - وافر - .
( تفهّمْ أيُّها الرَّجُلُ الجَهُوْلُ ... ولا يَذهَبْ بك الرأيُ الوبيلُ ) .
( فإنَّ الجهلَ مَحمَلُهُ خفيفٌ ... وإنَّ الحِلْمَ مَحمَلُه ثقيلُ ) .
وفيها يقول - وافر - .
( لَعَمْرُ أبيكَ ما يُغِني مَقامي ... من الفتيانِ رائحةٌ جَهولُ ) .
( نَؤُوم ما يقلِّصُ مستقِلاًّ ... على الغايات مَضجعُه ثقيل ) .
( إذا باتت أُعَصِّبُها فنامت ... علَيَّ مكانَها الحُمَّى الشَّمولُ ) .
( لعلَّ عِصابَها يَبغِيْك حَرْباً ... ويأتيهمْ بعوْرَتِك الدَّليلُ ) .
( وقد أعددْتُ للحَدَثان عَقْلاً ... لَو انَّ المرء تنفعه العُقولُ )