فذهبت مثلا .
وكان يقال إن مع أحيحة تابعاً من الجن يعلمه الخبر لكثرة صوابه لأنه كان لا يظن شيئاً فيخبر به قومه إلا كان كما يقول .
فخرجوا إليه وخرج أحيحة ومعه قينة له وخباء فضرب الخباء وجعل فيه القينة والخمر ثم خرج حتى استأذن على تبع فأذن له وأجلسه معه على زربية تحته وتحدث معه وسأله عن أمواله بالمدينة فجعل يخبره عنها وجعل تبع كلما أخبره عن شيء منها يقول كل ذلك على هذه الزربية .
يريد بذلك تبع قتل أحيحة ففطن أحيحة أنه يريد قتله فخرج من عنده فدخل خباءه فشرب الخمر وقرض أبياتاً وأمر القينة أن تغنيه بها وجعل تبع عليه حرساً وكانت قينته تدعى مليكة فقال - منسرح - .
( يشتاقُ قَلْبي إلى مُلَيكة لو ... أمْسَتْ قريباً ممن يطالبُها ) الأبيات .
وزاد فيها مما ليس فيه غناء - منسرح - .
( لِتبكِني قَيْنَةٌ ومِزْهَرُها ... ولتبكِنِي قهوةٌ وشاربُها ) .
( ولْتبكني ناقةٌ إذا رُحِلَتْ ... وغابَ في سَرْدَحٍ مَناكبها ) .
( ولْتبِكِني عُصْبَةٌ إذا جُمِعتْ ... لم يعلمِ الناسُ ما عواقِبُها ) .
فلم تزل القينة تغنيه بذلك يومه وعامة ليلته فلما نام الحراس قال لها إني ذاهب إلى أهلي فشدي عليك الخباء فإذا جاء رسول الملك فقولي له هو نائم فإذا أبوا إلاّ يوقظوني فقولي قد رجع إلى أهله وأرسلني إلى الملك برسالة .
فإن ذهبوا بك إليه فقولي له يقول لك أحيحة اغدر بقينة أو دع .
ثم انطلق فتحصن في أطمه الضحيان وأرسل تبع من جوف الليل إلى