قال وحدثني رجل من قريش عن أبي عبيدة بن عمار بن ياسر قال وحدثني عبد الرحمن بن سليمان الأنصاري قالوا جميعاً أقبل تبع الأخير وهو أبو كرب بن حسان بن أسعد الحميري من اليمن سائراً يريد المشرق كما كانت التبابعة تفعل فمر بالمدينة فخلف بها ابناً له ومضى حتى قدم الشأم ثم سار من الشأم حتى قدم العراق فنزل بالمشقر فقتل ابنه غيلة بالمدينة فبلغه وهو بالمشقر مقتل ابنه فكرّ راجعاً إلى المدينة وهو يقول - كامل - .
( يا ذا مُعاهِرَ ما تَزَالُ تَرُوْدُ ... رَمَدٌ بعينكَ عادها أم عُوْدُ ) .
( منعَ الرُّقادَ فما أغمِّضُ ساعةً ... نَبَطٌ بيثربَ آمنون قُعودُ ) .
( لا يَستقِي بيدَيكَ إنْ لم تلْقِها ... حَرْباً كأنَّ أشاءها مجرود ) .
ثم أقبل حتى دخل المدينة وهو مجمع على إخرابها وقطع نخلها واستئصال أهلها وسبي الذرية فنزل بسفح أحد فاحتفر بها بئراً فهي البئر التي يقال لها إلى اليوم بئر الملك ثم أرسل إلى أشراف أهل المدينة ليأتوه فكان فيمن أرسل إليه زيد بن ضبيعة بن زيد بن عمرو بن عوف وابن عمه زيد بن أمية بن زيد وابن عمه زيد بن عبيد بن زيد وكانوا يسمون الأزياد وأحيحة بن الجلاح فلما جاء رسوله قال الأزياد إنما أرسل إلينا ليملكنا على أهل يثرب .
فقال أحيحة والله ما دعاكم لخيرٍ وقال - مديد - .
( ليتَ حَظِّي من أبي كَرِبٍ ... أنْ يَرُدَّ خَيْرُهُ خَبَلَهْ )