رأيتَ من طعام ابن جامع وشرابه فعلي عتق ما أملك إن لم يكن شرب الدم مع هذا طيبا .
ثم قال أسمِعت بني غناء قط أحسن من هذا فقلت لا والله ما سمعت .
قال ثم خرج ابن جامع حتى نزل بباب أمير المؤمنين الرشيد ليلاً واجتمع المغنون على الباب وخرج الرسول إليهم فأذن لهم والرشيد خلف الستارة فغنوا إلى السحر فأعطاهم ألف دينار إلاّ ابن جامع فلم يعطه شيئاً وانصرفوا متوجهين له وعرضوا عليه جميعاً فلم يقبل وانصرفوا فلما كان في الليلة الثانية دعوا فغنوا ساعة ثم كشفت الستارة وغنى ابن جامع صوتاً عرض فيه بحاله وهو - طويل - .
صوت .
( تقولُ أقِمْ فينا فقيراً وما الذي ... تَرَى فيه ليلَى أن أُقيمَ فقيرا ) .
( ذَرِيني أَمُتْ يا ليل أو أكسِبَ الغنى ... فإنِّي أرى غَيرَ الغنيِّ حقيرا ) .
( يُدَفَّع في النادي ويُرفَض قوله ... وإن كان بالرأي السَّديدِ جديرا ) .
( ويُلزَمُ ما يَجنِي سواه وإن يُطِفْ ... بذنبٍ يكن منه الصغيرُ كبيرا ) .
قالوا فأعجب الرشيد ذلك الشعر واللحن فيه وأمال رأسه نحوه كالمستدعي له .
وغناه أيضاً - طويل - .
صوت .
( لئن مِصرُ فاتَتْني بما كنْتُ أرتجِي ... وأخلَفَني منها الذي كنتُ آمُلُ ) .
( فما كلُّ ما يخشَى الفتى نازلٌ بهِ ... ولا كلُّ ما يرجو الفتى هو نائلُ ) .
( وَوَاللهِ ما فرّطت في وجهِ حِيلةٍ ... ولكنَّ ما قد قَدَّر الله نازل ) .
( وقد يَسْلَم الإِنسانُ من حيث يتَّقي ... ويُؤتَى الفتى مِن أمنِهِ وهو غافلُ )