شأنك يا طريقة قالت خذوا البعير الشدقم فخضبوه بالدم تكن لكم أرض جرهم جيران بيته المحرم .
فلما انتهوا إلى مكة وأهلها أرسل إليهم عمرو ابنة ثعلبة فقال لهم يا قوم إنا قد خرجنا من بلادنا فلم ننزل بلدة إلا أفسح أهلها لنا وتزحزحوا عنا فنقيم معهم حتى نرسل رواداً فيرتادوا لنا بلداً يحملنا فافسحوا لنا في بلادكم حتى نقيم قدر ما نستريح ونرسل روادنا إلى الشأم وإلى الشرق فحيثما بلغنا أنه أمثل لحقنا به وأرجو أن يكون مقامنا معكم يسيراً فأبت ذلك جرهم إباءً شديداً واستكبروا في أنفسهم وقالوا لا والله ما نحب أن تنزلوا فتضيقوا علينا مرابعنا ومواردنا فارحلوا عنا حيث أحببتم فلا حاجة لنا بجواركم .
فأرسل إليهم إنه لا بدّ من المقام بهذا البلد حولاً حتى ترجع إليّ رسلي التي أرسلت فإن أنزلتموني طوعاً نزلت وحمدتكم وآسيتكم في الرعي والماء وإن أبيتم أقمتُ على كرهكم ثم لم ترتعوا معي إلاّ فضلاً ولم تشربوا إلا رنقا وإن قاتلتموني قاتلتكم ثم إن ظهرت عليكم سبيت النساء وقتلت الرجال ولم أترك منكم أحداً ينزل الحرم أبداً فأبت جرهم أن تنزله طوعاً وتعبت لقتاله فاقتتلوا ثلاثة أيام أفرغ عليهم فيها الصبر ومنعوا النصر ثم انهزمت جرهم فلم يفلت منهم إلا الشريد .
وكان مضاض بن عمرو قد اعتزل حربهم ولم يعنهم في ذلك وقال قد كنت أحذركم هذا ثم رحل هو وولده وأهل بيته حتّى نزلوا قنوني وما حوله فبقايا جرهم به إلى اليوم وفني الباقون