قالوا فلما كثر بغي جرهم بمكة قام فيهم مضاض بن عمرو بن الحارث ابن مضاض فقال يا قوم احذروا البغي فإنه لا بقاء لأهله وقد رأيتم من كان قبلكم من العماليق استخفوا بالحرم ولم يعظموه وتنازعوا بينهم واختلفوا حتّى سلطكم الله عليهم فاجتحتموهم فتفرقوا في البلاد فلا تستخفوا بحق الحرم وحرمة بيت الله ولا تظلموا من دخله وجاءه معظماً لحرماته أو خائفاً أو رغب في جواره فإنّكم إن فعلتم ذلكم تخوّفت أن تخرجوا منه خروج ذل وصغار حتى لا يقدر أحد منكم أن يصل إلى الحرم ولا إلى زيارة البيت الذي هو لكم حرز وأمن والطير تأمن فيه .
فقال قائل منهم يقال له مجدع ومن الذي يخرجنا منه ألسنا أعزّ العرب وأكثرهم مالاً وسلاحاً فقال مضاض إذا جاء الأمر بطل ما تذكرون فقد رأيتم ما صنع الله بالعماليق قالوا وقد كانت العماليق بغت في الحرم فسلّط الله عزّ وجل عليهم الذر فأخرجهم منه ثم رموا بالجدب من خلفهم حتى ردهم الله إلى مساقط رؤوسهم ثم أرسل عليهم الطوفان قال والطوفان الموت قال فلما رأى مضاض بن عمرو بغيهم ومقامهم عليه عمد إلى كنوز الكعبة وهي غزالان من ذهب وأسياف قلعية فحفر لها ليلاً في موضع زمزم ودفنها .
فبيناهم على ذلك إذ سارت القبائل من أهل مأرب ومعهم طريقة الكاهنة حين خافوا سيل العرم وعليهم مزيقياء وهو عمرو بن عامر بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان فقالت لهم طريقة لما قاربوا مكة وحق ما أقول وما علّمني ما أقول إلا الحكيم المحكم ربّ جميع الأمم من عرب وعجم .
قالوا لها ما