أخبرني عمي عن عبد الله بن المعتز قال حدثني أبو حفص الأعمى المؤدب عن الربالي قال اتخذ قطرب النحوي مؤدبا لبعض ولد المهدي وكان حماد عجرد يطمع في أن يجعل هو مؤدبه فلم يتم له ذلك لتهتكه وشهرته في الناس بما قاله فيه بشار فلما تمكن قطرب في موضعه صار حماد عجرد كالملقى على الرضف فجعل يقوم ويقعد بقطرب في الناس ثم أخذ رقعة فكتب فيها .
( قل للإمامِ جزاكَ الله صالِحَةً ... لا تَجْمَعَ الدَّهرَ بين السَّخْلِ والذيبِ ) .
( السَّخْلُ غِرٌّ وهمُّ الذئبِ فُرْصَتُه ... والذئب يعلم ما في السَّخْل من طِيبِ ) .
فلما قرأ هذين البيتين قال انظروا لا يكون هذا المؤدب لوطيا ثم قال إنفوه عن الدار فأخرج عنها وجيء بمؤدب غيره ووكل به تسعون خادما يتناوبون يحفظون الصبي فخرج قطرب هاربا مما شهر به إلى عيسى بن إدريس العجلي بن أبي دلف فأقام معه بالكرج إلى أن مات .
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني قال لما قال حماد عجرد في بشار .
( ويا أقبحَ من قِرْدٍ ... إذا ما عَمَى القردُ ) .
قال بشار لا إله إلا الله قد والله كنت أخاف أن يأتي به والله لقد وقع لي هذا البيت منذ أكثر من عشرين سنة فما نطقت به خوفا من أن يسمع فأهجى به حتى وقع عليه النبطي ابن الزانية