وكان عدي حسن الوجه مديد القامة حلو العينين حسن المبسم نقي الثغر .
وأخذ معه جماعة من فتيان الحيرة فدخل البيعة فلما رأته مارية قالت لهند انظري إلى هذا الفتى فهو والله أحسن من كل ما ترين من السرج وغيرها قالت ومن هو قالت عدي بن زيد قالت أتخافين أن يعرفني إن دنوت منه لأراه من قريب قالت ومن أين يعرفك وما رآك قط من حيث يعرفك فدنت منه وهو يمازح الفتيان الذين معه وقد برع عليهم بجماله وحسن كلامه وفصاحته وما عليه من الثياب فذهلت لما رأته وبهتت تنظر إليه .
وعرفت مارية ما بها وتبينته في وجهها فقالت لها كلميه فكلمته وانصرفت وقد تبعته نفسها وهويته وانصرف بمثل حالها .
فلما كان الغد تعرضت له مارية فلما رآها هش لها وكان قبل ذلك لا يكلمها وقال لها ما غدا بك قالت حاجة إليك قال اذكريها فوالله لا تسأليني شيئا إلا أعطيتك إياه فعرفته أنها تهواه وأن حاجتها الخلوة به على أن تحتال له في هند وعاهدته على ذلك فأدخلها حانوت خمار في الحيرة ووقع عليها ثم خرجت فأتت هندا فقالت أما تشتهين أن تري عديا قالت وكيف لي به قالت أعده مكان كذا وكذا في ظهر القصر وتشرفين عليه قالت افعلي فواعدته إلى ذلك المكان فأتاه وأشرفت هند عليه فكادت تموت وقالت إن لم تدخليه إلي هلكت .
فبادرت الأمة إلى النعمان فأخبرته خبرها وصدقته وذكرت أنها قد شغفت به وأن سبب ذلك رؤيتها إياه في يوم الفصح وأنه إن لم يزوجها به افتضحت في أمره أو ماتت فقال لها ويلك وكيف أبدؤه بذلك فقالت هو أرغب في ذلك من أن تبدأه أنت وأنا أحتال في ذلك من حيث لا يعلم أنك عرفت أمره .
وأتت عديا فأخبرته الخبر وقالت ادعه فإذا أخذ الشراب منه فاخطب إليه فإنه غير رادك قال أخشى أن يغضبه ذلك فيكون سبب العداوة بيننا قالت ما قلت لك هذا حتى فرغت منه معه فصنع عدي طعاما واحتفل فيه ثم أتى النعمان بعد الفصح بثلاثة أيام وذلك في يوم الإثنين فسأله أن يتغدى عنده هو وأصحابه ففعل فلما أخذ منه الشراب خطبها إلى النعمان فأجابه وزوجه وضمها إليه بعد ثلاثة أيام