وكان يحيى بن زياد ومطيع بن إياس وحماد عجرد وضرباؤهم يألفونه ويعشقونه ويطرفونه وكلهم كان يعشق ابنه أصبغ حتى كان يوم نوروز وعزم أبو الأصبغ على أن يصطبح مع يحيى بن زياد وكان يحيى قد أهدى له من الليل جداء ودجاجاً وفاكهة وشرابا فقال أبو الأصبغ لجواريه إن يحيى ابن زياد يزورنا اليوم فأعددن له كل ما يصلح لمثله ووجه بغلمان له ثلاثة في حوائجه ولم يبق بين يديه أحد فبعث بابنه أصبغ إلى يحيى يدعوه ويسأله التعجيل فلما جاءه استأذن له الغلام فقال له يحيى قل له يدخل وتنح أنت وأغلق الباب ولا تدع الأصبغ يخرج إلا بإذني ففعل الغلام ودخل الأصبغ فأدى إليه رسالة أبيه فلما فرغ راوده يحيى عن نفسه فامتنع فثاوره يحيى وعاركه حتى صرعه ثم رام حل تكته فلم يقدر عليها فقطعها وناكه فلما فرغ أخرج من تحت مصلاه أربعين دينار فأعطاه إياها فأخذها وقال له يحيى امض فإني بالأثر فخرج أصبغ من عنده فوافاه مطيع بن إياس فرآه يتبخر ويتطيب ويتزين فقال له كيف أصبحت فلم يجبه وشمخ بأنفه وقطب حاجبيه وتفخم فقال له ويحك مالك أنزل عليك الوحي أكلمتك الملائكة أبويع لك بالخلافة وهو يوميء برأسه لا لا في كل كلامه فقال له كأنك قد نكت أصبغ بن أبي الأصبغ قال أي والله الساعة نكته وأنا اليوم في دعوة أبيه فقال مطيع فامرأته طالق إن فارقتك أو نقبل متاعك فأبداه له يحيى حتى قبله ثم قال له كيف قدرت