يهاديه الشعر ويجيب كل واحد منهما صاحبه ويتعاشران ويتزاوران فولي أبو الجارود ولاية فجفا أبا الأسود وقطعه ولم يبدأه بالمكاتبة ولا أجابه عنها فقال فيه أبو الأسود .
( أبلِغْ أبا الجارود عني رسالة ... يَرُوح بها الغادي لرَبْعك أو يغدو ) .
( فيخبرَنا ما بالُ صَرمك بعد ما ... رضِيت وما غيّرتَ من خُلق بعدُ ) .
( أأنْ نِلتَ خيرا سَرَّني أن تناله ... تنكَّرت حتى قلتُ ذو لِبدةٍ وَرْدُ ) .
( فعيناك عيناه وصوتك صوته ... تُمثِّله لي غيرَ أنك لا تعدو ) .
( لئن كنت قد أزمعت بالصَّرم بيننا ... لقد جعلَتْ أشراطُ أوّله تبدو ) .
( فإني إذا ما صاحبٌ رث وصلُه ... وأعرَضَ عني قلّ مني له الوَجدُ ) .
أبو الأسود والحارث بن خليد .
قال المدائني كان لأبي الأسود صديق يقال له الحارث بن خليد وكان في شرف من العطاء فقال لأبي الأسود ما يمنعك من طلب الديوان فإن فيه غنى وخيرا فقال له أبو الأسود قد أغناني الله عنه بالقناعة والتجمل فقال كلا ولكنك تتركه إقامة على محبة ابن أبي طالب وبغض هؤلاء القوم وزاد الكلام بينهما حتى أغلظ له الحارث بن خليد فهجره أبو الأسود وندم الحارث على ما فرط منه فسأل عشيرته أن تصلح بينهما فأتوا أبا الأسود في ذلك وقالوا له قد اعتذر إليك الحارث مما فرط منه وهو رجل حديد فقال أبو الأسود في ذلك .
( لنا صاحب لا كلِيلُ اللسان ... فيَصمُتَ عنا ولا صارِمُ )