على أميال إذ أنا بأمراة في رحالة متنقبة معها عبيد لها يسعون معها فمرت جنابي فسلمت ثم قالت ممن الرجل قلت من أهل الحجاز قالت فهل تروي لكثير شيئا قلت نعم قالت أما والله ما كان بالمدينة من شيء هو أحب إلي من أن أرى كثيرا وأسمع شعره فهل تروي قصيدته .
( أهاجك برقٌ آخِرَ الليلِ واصِبُ ... ) .
قلت نعم فأنشدتها إياها إلى آخرها قالت فهل تروي قوله .
( كأنك لم تسمعْ ولم تر قبلها ... تَفرُّقَ أُلاّف لهنّ حنينُ ) .
قلت نعم وأنشدتها قالت فهل تروي قوله أيضا .
( لعزةَ من أيام ذي الغُصْن شاقني ... ) .
قلت نعم وأنشدتها إلى آخرها قالت فهل تروي قوله أيضا .
( أأطلالَ سُعدَى باللوى تَتَعَّهد ... ) .
قلت نعم وأنشدتها حتى أتيت على قوله .
( فلم أر مثلَ العين ضنّت بمائها ... عليّ ولا مثلي على الدمع يَحسُدُ ) .
قالت قاتله الله فهل قال مثل قول كثير أحد على الأرض والله لأن أكون رأيت كثيرا أو سمعت منه شعره أحب إلي من مائة ألف درهم قال فقلت هو ذاك الراكب أمامك وأنا السائب راويته قالت حياك الله تعالى ثم ركضت بغلتها حتى أدركته فقالت أنت كثير قال ما لك ويلك فقالت أنت الذي تقول