والتأهب فدعاه بعض إخوانه قبل خروجهم بيوم فلما أضحى النهار جاء من المطر أمر عظيم لم يقدر معه أحد أن يطلع رأسه من داره فكاد محمد أن يموت غما فكتب إلى صديقه الذي دعاه وقد كان ركب إليه ثم رجع لشدة المطر ولم يقدر على لقائه .
( تمادى القَطْرُ وانقطع السبيلُ ... من الإِلفين إذ جرِت السيولُ ) .
( على أني ركِبتُ إليك شوقا ... ووجهُ الأرض أودِيةٌ تجول ) .
( وكان الشوقُ يَقْدُمُني دليلاً ... وللمشتاق معتزِماً دليلُ ) .
( فلم أجِد السبيلَ إلىحبيبٍ ... أودِّعه وقد أقِد الرحيلُ ) .
( وأرسلْتُ الرسولَ فغاب عنّي ... فياللهِ ما فعل الرسول ) .
وقال في ذلك أيضا .
( مجلس يُشْفَى به الوطرُ ... عاق عنه الغيمُ والمطرُ ) .
( رَبِّ خُذْ لي منهما فهُما ... رحمةٌ عمّت ولي ضرر ) .
( ما علىمولاي مَعْتبةٌ ... عذره بادٍ ومستتِر ) .
( شُغِلتْ عيني بعبرتها ... واستمالت قلبيَ الفِكر ) .
قال ثم بيعت خداع هذه فاشتراها بعض ولد المهدي وكان ينزل شارع الميدان فحجبت عنه وانقطع ما بينهما إلا مكاتبة ومراسلة .
قال محمد بن علي فأنشدني يوما عمي محمد لنفسه فيها .
( خطراتُ الهوى بذكر خِداعٍ ... هِجْنَ شوقي لا دراسات الطلولِ ) .
( حُجِبتْ أن تُرَى فلستُ أراها ... وأرى أهلَها بكل سبيل )