بذاك مع شدة السلطان في الغناء وندائه فيه فقلت له أفتردهم قال لا والله فكيف لي بالعود فقلت له أنا أخبؤه لك فشأنك فركب وسترت العود وأردفني فلما كنا ببعض الطريق إذا أنا بنافع بن علقمة قد أقبل فقال لي يابن بركة هذا الأمير فقلت لا بأس عليك أرسل عنان البغلة وامض ولا تخف ففعل فلما حاذيناه عرفني ولم يعرف ابن سريج فقال لي يابن بركة من هذا أمامك فقلت ومن ينبغي أن يكون هذا ابن سريج فتبسم ابن علقمة ثم تمثل .
( فإنْ تَنْجُ منها يا أبَانُ مُسَلِّماً ... فقد أفلت الحَجّاجُ خيلَ شَبِيبِ ) .
ثم مضى ومضينا فلما كنا قريبا من القوم نزلنا إلى شجرة نستريح فقلت له غن مرتجلا فرفع صوته فخيل إلي أن الشجرة تنطق معه فغنى .
صوت .
( كيف الثَّواءُ ببَطْنِ مَكَّةَ بعدما ... هَمَّ الذين تُحِبّ بالإِنجادِ ) .
( أمّ كيف قلبُك إذ ثَوَيْتَ مُخَمَّراً ... سَقِمَاً خِلاَفَهمُ وكَرْبُكَ بادي ) .
( هل أنتَ إن ظَعَن الأحِبَّةُ غادِي ... أم قبلَ ذلك مُدْلِجٌ بسَوَاد ) .
الشعر للعرجي وذكر إسحاق في مجرده أن الغناء فيه لابن عائشة ثاني ثقيل مطلق في مجرى الوسطى وحكى حماد ابنه عن أن اللحن لابن سريج قال سهل فقلت أحسنت والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ولو أن كنانة كلها سمعتك لاستحسنتك فكيف بنافع بن علقمة المغرور من غره نافع ثم قلت زدني وإن كان القوم متعلقة قلوبهم بك فغنى وتناول عودا من الشجرة فأوقع به على الشجرة فكان صوت الشجرة أحسن من خفق بطون الضأن