المروءة يضرب بالعود على مذهب الفرس ضربا حسنا وله رزق سني في الموالي وكان من أولادهم ولم يكن منزله يخلو من طعام كثير نظيف لكثرة قصد إخوانه منزله فلما طرق بابه قلت له فرجت عني هذا صديقي وأنا طفيلي بنفسي لا أحتاج أن أكون في شفاعة طفيلي فدخلنا وقدم إلينا طعام عتيد طيب نظيف فأكلنا وأحضرنا النبيذ وخرجت جاريته إلينا من غير ستارة فغنت غناء حسنا شكلا ظريفا ثم غنت من صنعة محمد بن الحارث هذا الصوت وكانت قد أخذته عنه وفيه أيضا لحن لإبراهيم والشعر لابن أبي عيينة .
صوت .
( ضيَّعْتِ عهدَ فَتى لِعَهْدِك حافظٍ ... في حفْظِهِ وفي تَضْيِيعِكِ ) .
( إن تَقْتُليهِ وتذهبي بفؤادِهِ ... فبِحسْنِ وَجْهِكِ لا بِحُسْنِ صَنِيعِكِ ) .
فطرب محمد بن الحارث ونقطها بدنانير مسيفة كانت معه في خريطته ووجه غلامه فجاءه ببرنية غالية كبيرة فغلفها منها ووهب لها الباقي وكان لمحمد بن الحارث أخ طيب ظريف يكنى أبا هارون فطرب ونعر ونخر وقال لأخيه أريد أن أقول لك شيئا في السر قال قله علانية قال لا يصلح قال والله ما بيني وبينك شيء أبالي أن تقوله جهرا فقله فقال أشتهي علم الله أن تسأل أبا الصالحات أن ينيكني فعسى صوتي أن تفتح ويطيب غنائي فضحك أبو الصالحات وخجلت الجارية وغطت وجهها وقالت سخنت عينك فإن حديثك يشبه وجهك