والرخج وكان مكتبه هناك فأقام بها مدة ثم لقي بها ذلك الرجل الذي نادمه بتستر ذات يوم فسلم عليه ودعاه إلى منزله فأكلا ثم دعا بالشراب ليشربا فامتنع الرجل وقال إني قد تركتها لله .
فقال أبو جلدة وهو يشرب .
( ألاَ رُبَّ يومٍ لي ببُسْتَ وليلةٍ ... ولا مِثْلَ أيّامِي المَوَاضِي بتُسْتَرِ ) .
( غَنِيتُ بها أَسْقِي سُلاَفَ مُدَامَةٍ ... كريمَ المُحَيَّا مِنْ عَرَانِينِ يَشْكُرِ ) .
( نُبَادِرُ شُرْبَ الراحِ حتّى نَهُرَّها ... وتَتْرُكَنَا مثلَ الصَّرِيعِ المُعَفَّرِ ) .
( فذلك دهرٌ قد تولَّى نعيمُهُ ... فأصبحتُ قد بُدِّلْتُ طولَ التَّوَقُّرِ ) .
( فَرَاجَعني حِلْمِي وأصبحتُ منهج الشّراب ... وقِدْماً كنتُ كالمتحيِّر ) .
( وكل أوان الحق أبصرتُ قَصْدَه ... فلستُ وإن نُبِّهتُ عنه بِمُقْصِرِ ) .
( سأرْكُضُ في التَّقَوى وفي العِلْمِ بعدَما ... ركضتُ إلى أمر الغَوِيِّ المُشَهَّرِ ) .
( وباللَّه حَوْلِي واحْتِيالي وقُوّتي ... ومَنْ عَندَه عُرْفِي الكثيرُ ومُنْكَرِي ) .
أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا محمد بن الحارث المدائني قال مر مسمع بن مالك بأبي جلدة فوثب إليه وأنشأ يقول .
( يا مِسْمَعُ بنَ مالكٍ يا مِسْمَعُ ... أنت الجوادُ والخطيبُ المِصْقَعُ ) .
( فاصْنَعْ كما كان أبوك يَصْنَعُ ... ) .
فقال له رجل كان جالسا هناك إن قبل منك والله يا أبا جلدة ناك أمه .
فقال له وكيف ذلك ويحك قال لأنك أمرته أن يصنع كما كان أبوه يصنع