كان سبب عشق المجنون ليلى أنه أقبل ذات يوم على ناقة له كريمة وعليه حلتان من حلل الملوك فمر بامرأة من قومه يقال لها كريمة وعندها جماعة نسوة يتحدثن فيهن ليلى فأعجبهن جماله وكماله فدعونه إلى النزول والحديث فنزل وجعل يحدثهن وأمر عبدا له كان معه فعقر لهن ناقته وظل يحدثهن بقية يومه فبينا هو كذلك إذ طلع عليهم فتى عليه بردة من برد الأعراب يقال له منازل يسوق معزى له فلما رأينه أقبلن عليه وتركن المجنون فغضب وخرج من عندهن وأنشأ يقول .
( أأعقِرُ مِنْ جَرَّا كَرِيمةَ ناقَتِي ... وَوَصْليَ مَفْروشٌ لِوَصْلِ مُنَازِلِ ) .
( إذا جاء قَعْقَعْنَ الُحليَّ ولم أكُنْ ... إذا جئتُ أرضَى صوتَ تلكَ الخلاخِلِ ) .
( متى ما انتضَلْنا بالسِّهام نَضَلتُه ... وإن نَرْمِِ رَشْقاً عندها فهو ناضِلي ) .
قال فلما أصبح لبس حلته وركب ناقة له أخرى ومضى متعرضا لهن فألفى ليلى قاعدة بفناء بيتها وقد علق حبه بقلبها وهويته وعندها جويريات يتحدثن معها فوقف بهن وسلم فدعونه إلى النزول وقلن له هل لك في محادثة من لا يشغله عنك منازل ولا غيره فقال إي لعمري فنزل وفعل مثل ما فعله بالأمس فأرادت أن تعلم هل لها عنده مثل ما له عندها فجعلت تعرض عن حديثه ساعة بعد ساعة وتحدث غيره وقد كان علق بقلبه مثل حبها إياه وشغفته واستملحها فبينا هي تحدثه إذا أقبل فتى من الحي فدعته وسارته سرارا طويلا ثم قالت له انصرف ونظرت إلى وجه المجنون قد تغير وانتقع لونه وشق عليه فعلها