فقال والله لو أذنت لي لأسمعتك أحسن منه .
فقالت أقيموه فأخرج .
ثم عاد إليها في اليوم الثاني .
فقالت له يا فرزدق .
من أشعر الناس قال أنا قالت كذبت أشعر منك الذي يقول .
( لولا الحياءُ لهاجني استعبارُ ... وَلزرتُ قبركِ والحبيبُ يزارُ ) .
( لا يلبث القُرفاءُ أن يتفرّقوا ... ليلٌ بكرّ عليهمُ ونهارُ ) .
( كانت إذا هجر الضجيعُ فراشها ... كُتِمَ الحديثُ وعَفّت الأسرار ) .
قال أفأسمعك أحسن منه قالت اخرج .
ثم عاد إليها في اليوم الثالث وعلى رأسها جارية كأنها ظبية فاشتد عجبه بها .
فقالت يا فرزدق من أشعر الناس قال أنا .
قالت كذبت .
أشعر منك الذي يقول .
( إنّ العيونَ التي في طَرفِها مَرَضٌ ... قتَلننا ثم لم يُحيين قَتْلاَنَا ) .
( يَصرعْن ذا اللُّبّ حتى لا حَراكَ له ... وهُنَّ أضعفُ خلقِ الله أَركانا ) .
ثم قالت قم فاخرج .
فقال لها يا بنت رسول الله إن لي عليك لحقا .
إذ كنت إنما جئت مسلما عليك فكان من تكذيبك إياي وصنيعك بي حين أردت أن أسمعك شيئا من شعري ما ضاق به صدري .
والمنايا تغدو وتروح ولا أدري لعلي لا أفارق المدينة حتى أموت .
فإن مت فمري من يدفنني في حر هذه الجارية التي على رأسك فضحكت سكينة حتى كادت تخرج من ثيابها وأمرت له بالجارية وقالت أحسن صحبتها فقد