( أمسكينُ أبكى الله عينيك إنَّما ... جرى في ضلالٍ دَمعُها فتحدَّرا ) .
( أتبكي امرأً من آل مَيسَان كافراً ... ككسرى على عِدَّانه أو كقيصرا ) .
( أقول له لما أتانِي نَعِيُّه ... بهِ لا بظبيٍ بالصّرِيمة أعفرا ) .
فقال مسكين .
( أَلا أيها المرءُ الذي لَسْتٌُ قائماً ... ولا قاعداً في القوم إلاَّ انبرى لِيَا ) .
( فجئْنِي بعَمٍّ مثل عَمِّي أَو أَبٍ ... كمثل أبي أو خالِ صدقٍ كخاليَا ) .
( بعَمرو بن عمرو أو زرارةَ ذي النّدى ... سموتُ به حتى فَرعتُ الّروابيا ) .
فأمسك الفرزدق عنه وكان يقول نجوت من أن يهجوني مسكين فإن أجبته ذهبت بشطر فخري وإن أمسكت عنه كانت وصمة على مدى الدهر .
أخبرني أبو خليفة فقال أخبرنا ابن سلام قال حدثني الحكم بن محمد المازني قال كان تميم بن زيد القضاعي ثم أحد بني القين بن جسر غزا الهند في جيش فجمرهم وفي جيشه رجل يقال له حبيش فلما طالت غيبته على أمه إشتاقته فسألت عمن يكلم لها تميم بن زيد أن يقفل ابنها فقيل لها عليك بالفرزدق فاستجيري بقبر أبيه فأتت قبر غالب بكاظمة حتى علم الفرزدق مكانها .
ثم أتته وطلبت إليه حاجتها فكتب إلى تميم بن زيد هذه الأبيات .
( هَبْ لي حُبَيشاً واتخذ فيه مِنّةً ... لغُصَّةِ أَمٍّ ما يَسوغُ شرابُها ) .
( أتتني فعَاذت يا تميمُ بغالبٍ ... وبالحفرة السافي عليها تُرابُها ) .
( تَميمُ بن زَيدٍ لا تكوننَّ حاجتي ... بظَهرٍ فلا يخفى عليَّ جَوابها )