المدائني لقي الفرزدق جارية لبني نهشل فجعل ينظر إليها نظرا شديدا فقالت له مالك تنظر فو الله لو كان لي ألف حر ما طمعت في واحد منها قال ولم يالخناء قالت لأنك قبيح المنظر سيء المخبر فيما أرى فقال أما والله لو جربتني لعفى خبري على منظري قال ثم كشف لها عن مثل ذراع البكر فتضبعت له عن مثل سنام البكر فعالجها فقالت أنكاح بنسيئة هذا شر القضية قال ويحك ما معي إلا جبتي أفتسلبينني إياها ثم تسنمها فقال .
( أولجتُ فيها كذِراع البَكرِ ... مُدملَكَ الرأس شديدَ الأسْرِ ) .
( زاد على شِبْرٍ ونصفِ شِبْر ... كأنني أولجتُه في جَمرِ ) .
( يُطير عنه نَفَيانَ الشّعْرِ ... في شُعور الناس يَوْمَ النحر ) .
قال فحملت منه ثم ماتت فبكاها وبكى ولده منها .
( وغمدِ سلاحٍ قد رزئتُ فلم أنُح ... عليه ولم أبعث عليه البواكيا ) .
( وفي جَوفه من دارمٍ ذو حفيظةٍ ... لو أنّ المنايا أنسأته لياليا ) .
( ولكنَّ ريب الدهر يعْثُر بالفتى ... فلم يستطع رَدُّا لما كان جائيَا ) .
( وكم مثلِه في مثلها قد وضعته ... وما زلت وثَّاباً أجرُّ المخازيا ) .
فقال جرير يعيره .
( وكم لكَ يا بنَ القيْن إنْ جاء سائلٌ ... من ابنٍ قصير الباع مثلُك حاملُه )