أن العرجي خرج إلى جنبات الطائف متنزها فمر ببطن النقيع فنظر إلى أم الأوقص وهو محمد بن عبد الرحمن المخزومي القاضي وكان يتعرض لها فإذا رآها رمت بنفسها وتسترت منه وهي امرأة من بني تميم فبصر بها في نسوة جالسة وهن يتحدثن فعرفها وأحب أن يتأملها من قرب فعدل عنها ولقي أعرابيا من بني نصر على بكر له ومعه وطبا لبن فدفع إليه دابته وثيابه وأخذ قعوده ولبنه ولبس ثيابه ثم أقبل على النسوة فصحن به يا أعرابي أمعك لبن قال نعم ومال إليهن وجلس يتأمل أم الأوقص وتواثب من معها إلى الوطبين وجعل العرجي يلحظها وينظر أحيانا إلى الأرض كأنه يطلب شيئا وهن يشربن من اللبن فقالت له امرأة منهن أي شيء تطلب يا أعرابي في الأرض أضاع منك شيء قال نعم قلبي فلما سمعت التميمية كلامه نظرت إليه وكان أزرق فعرفته فقالت العرجي بن عمر ورب الكعبة ووثبت وسترها نساؤها وقلن انصرف عنا لا حاجة بنا إلى لبنك فمضى منصرفا وقال في ذلك .
( أقول لصاحبَيَّ ومثلُ ما بي ... شكاهُ المرءُ ذو الوَجْدِ الألِيم ) .
( إلى الأخَوَيْنِ مثلِهما إذا ما ... تأوّبه مُؤرِّقةُ الهمومِ ) .
( لِحَيني والبلاءِ لقيتُ ظُهْراً ... بأعلَى النَّقْع أُختَ بني تمِيم )