لقيت أعرابيا بالسمية فصيحا فاستخففته وتأملته فإذا هو مصفر شاحب ناحل الجسم فاستنشدته فأنشدني الشيء بعد الشيء على استكراه مني له فقلت له ما بالك فوالله إنك لفصيح فقال أما ترى الجبلين قلت بلى قال في ظلالهما والله ما يمنعني من إنشادك ويشغلني ويذهلني عن الناس قلت وما ذاك قال بنت عم لي قد تيمتني وذهبت بعقلي والله إنه لتأتي علي ساعات ما أدري أفي السماء أنا أم في الأرض ولا أزال ثابت العقل ما لم يخامر ذكرها قلبي فإذا خامره بطلت حواسي وعزب عني لبي قلت فما يمنعك منها أقلة ما في يدك قال والله ما يمنعني منها غير ذلك قلت وكم مهرها قال مائة ناقة قلت فأنا أدفعها إليك إذا لتدفعها إليهم قال والله لئن فعلت ذلك إنك لأعظم الناس علي منة فوعدته بذلك واستنشدته ما قال فيها فأنشدني أشياء كثيرة منها قوله .
( سقى العَلَمَ الفردَ الذي في ظلاله ... غَزَالانِ مكحولانِ مؤتلفانِ ) .
البيتان فقلت له يا أعرابي والله لقد قتلتني بقولك ففاتاني وقد قتلاني وأنا برئ من العباس إن لم أقم بأمرك ثم دعوت بمركوب فركبته وحملت معي الأعرابي فصرنا إلى أبي الجارية في جماعة من أهلي وموالي حتى زوجته إياها وضمنت عنه الصداق واشتريت له مائة ناقة فسقتها عنه وأقمت عندهم ثلاثا ونحرت لهم ثلاثين جزورا ووهبت للأعرابي عشرة آلاف درهم وللجارية مثلها وقلت استعينا بهذا على اتصالكما وانصرفت فكان الأعرابي يطرقنا في كل سنة وامرأته معه فأهب له وأصله وينصرف .
غناؤه في شعر حسان .
ومن أغانيه أخبرني به ذكاء وجه الرزة عن أحمد بن أبي العلاء عن مخارق وأنه أخذه عنه