صناعته قرظه ووصفه واستحسنه وإن كان مطرحا أو فاسدا أو متوسطا ذكر ما فيه فربما كان للواثق فيه هوى فيسأله عن تقويمه وإصلاح فساده وربما اطرحه بقول إسحاق فيه إلى أن صنع لحنا في قول الشاعر .
( لقد بَخِلت حتى لو أنّي سألتها ... قَذَى العين من ضاحِي التراب لضَنَّتِ ) .
فأعجب به واستحسنه وأمر المغنين فغنوا فيه وأمر بإشخاص إسحاق إليه من بغداد ليسمعه فكاده مخارق عنده وقال يا أمير المؤمنين إن إسحاق شيطان خبيث داهية وإن قولك له فيما تصنعه هذا صوت وقع إلينا لا يخفى عليه به أن الصوت لك ومن صنعتك ولا يوقع في فهمه أنه قديم فيقول لك وبحضرتك ما يقارب هواك فإذا خرج عن حضرتك قال لنا ضد ذلك فأحفظ الواثق قوله وغاظه وقال له أريد على هذا القول منك دليلا قال أنا أقيم عليه الدليل إذا حضر فلما قدم به وجلس في أول مجلس اندفع مخارق يغني لحن الواثق .
( لقد بَخِلتْ حتَّى لَوَ انّي سألتُها ... ) .
فزاد فيه زوائد أفسدت قسمته فسادا شديدا وخفيت على الواثق لكثرة زوائد مخارق في غنائه فسأله الواثق عنه فقال هذا غناء فاسد غير مرضي عندي فغضب الواثق وأمر بإسحاق فسحب حتى أخرج من المجلس فلما كان من الغد قالت فريدة للواثق يا أمير المؤمنين إن إسحاق رجل يأخذ نفسه بقوله الحق في صناعته على كل حال ساءته أو سرته لا يخاف في ذلك ضررا ولا يرجو نفعا وما لك منه عوض وقد كاده مخارق عندك فزاد في صدر الصوت من زوائده التي تعرف وتركه في المصراع الثاني على حاله ونقص من البيت الثاني وقد تبينت ذلك وأنا أعرضه على إسحاق وأغنيه إياه على صحته واسمع ما يقول وما زالت تلطف للواثق حتى رضي عنه وأمر بإحضاره فغنته إياه فريدة كما صنعه الواثق فلما سمعه قال هذا صوت صحيح الصنعة والقسمة والتجزئة وما هكذا سمعته في المرة الأولى ثم