خرج أصحاب الحديث إلى سفيان بن عيينة فازدحموا فقال لقد هممت ألا أحدثكم شهراً فقام إليه شاب من أهل العراق فقال له يا أبا محمد ألن جانبك وحسن قولك وتأس بصالحي سلفك وأجمل مجالسة جلسائك فقد أصبحت بقية الناس وأميناً لله ورسوله على العلم والله إن الرجل ليريد الحج فتتعاظمه مشقته حتى يكاد أن يقيم فيكون لقاؤه إياك وطعمه فيك أكثر ما يحركه عليه قال فخضع سفيان وتواضع ورق وبكى ثم تمثل بقول حارثة .
( خَلَتِ الديارُ فسُدت غير مُسوّد ... ومن الشقاء تَفَرُّدِي بالسُّودَدِ ) .
ثم حدثهم بعد ذلك بكل ما أرادوا إلى أن رحلوا .
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي ومحمد بن الحسين الكندي قالا حدثنا الخليل بن اسد قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن الحسن بن عمارة عن الحكيم بن عتيبة .
أن حارثة بن بدر الغداني كان سعى في الأرض فساداً فأهدر علي بن أبي طالب عليه السلام دمه فهرب فاستجار بأشراف الناس فلم يجره أحد فقيل له عليك بسعيد بن قيس الهمداني فلعله أن يجيرك فطلب سعيداً فلم يجده فجلس في طلبه حتى جاء فأخذ بلجام فرسه فقال أجرني أجارك الله قال ويحك ما لك قال أهدر أمير المؤمنين دمي قال وفيم ذاك قال سعيت في الأرض فساداً قال ومن أنت قال حارثة بن بدر الغداني