فظن عبد العزيز أنه ممن يهزأ به ويضحكهم فقال مره بالحضور ليوم حاجتنا إليه فغدا نصيب وراح إلى باب عبد العزيز أربعة أشهر وأتاه آت من عبد الملك فسره فأمر بالسرير فأبرز للناس وقال علي بالأسود وهو يريد أن يضحك منه الناس فدخل فلما كان حيث يسمع كلامه قال .
( لعبد العزيز على قومِه ... وغيرِهمُ نِعَمٌ غَامِرَهْ ) .
( فبابُكَ ألينُ أبوابِهم ... ودارُك مأهولةٌ عامِرَهْ ) .
( وكلبُك آنَسُ بالمُعْتَفِينَ ... من الأمِّ بالإِبْنَة الزائرهْ ) .
( وكَفُّكَ حينَ تَرَى السائلين ... أَنْدَى من اللّيلةِ الماطرهْ ) .
( فمنكَ العَطَاءُ ومنِّي الثَّنَاءُ ... بكلِّ مُحَبَّرةٍ سائرهْ ) .
فقال أعطوه أعطوه فقال إني مملوك فدعا الحاجب فقال اخرج فابلغ في قيمته فدعا المقومين فقال قوموا غلاما أسود ليس به عيب قالوا مائة دينار قال إنه راع للإبل يبصرها ويحسن القيام عليها قالوا حينئذ مائتا دينار قال إنه يبري القسي ويثقفها ويرمي النبل ويريشها قالوا أربعمائة دينار قال إنه راوية للشعر بصير به قالوا ستمائة دينار قال إنه شاعر لا يلحق حذقا قالوا ألف دينار قال عبد العزيز ادفعوا إليه قال أصلح الله الأمير ثمن بعيري الذي أضللت قال وكم ثمنه قال خمسة وعشرون دينارا قال ادفعوا إليه قال أصلح الله الأمير جائزتي لنفسي عن مديحي إياك قال اشتر نفسك ثم عد إلينا فأتى الكوفة وبها بشر بن مروان فاستأذن عليه فاستصعب الدخول إليه وخرج بشر بن مروان متنزها فعارضه فلما ناكبه أي صار حذاء منكبه ناداه .
( يا بشرُ يابنَ الجَعْفَرِيَّة ما ... خلَق الإلهُ يَدَيْك للبُخْلِ )