ما غنى جدي في شعر أحد من الشعراء أكثر مما غنى في شعر ذي الرمة وعباس بن الأحنف .
أخبرني الصولي قال حدثني محمد بن عبد الله التميمي قال .
كنا في مجلس ابن الأعرابي إذ أقبل رجل من ولد سعيد بن سالم كان يلزم ابن الأعرابي وكان يحبه ويأنس به فقال له ما أخرك عني فاعتذر بأشياء ثم قال كنت مع مخارق عند بعض بني الرشيد فوهب له مائة ألف درهم على صوت غناه به فاستكثر ذلك ابن الأعرابي واستهاله وعجب منه وقال ما هو قال غناه بشعر عباس بن الأحنف .
( بكتْ عيْني لأنواعِ .
من الحزن وأوجاعِ ) .
( وأني كل يوم عندكم ... يَحْظَى بيَ السَّاعي ) .
فقال ابن الأعرابي أما الغناء فما أدري ما هو ولكن هذا والله كلام قريب مليح .
حدثني الصولي قال حدثنا محمد بن الهيثم قال حدثني محمد بن عمرو الرومي قال .
كنا عند الواثق فقال أريد أن أصنع لحناً في شعر معناه أن الإنسان كائناً من كان لا يقدر على الاحتراس من عدوه فهل تعرفون في هذا شيئاً فأنشدنا ضروباً من الأشعار فقال ما جئتم بشيء مثل قول عباس بن الأحنف .
( قلبي إلى ما ضرَّني داعِي ... يُكْثِر أسقامي وأوجاعِي ) .
( كيف احتراسي من عدوّي إذا ... كان عدوّي بين أضلاعي )