رأيت البردان بالمدينة يتولى سوقها وقد أسن فقلت له يا عم إني رويت لك صوتا صنعته وأحببت أن تصححه لي فضحك ثم قال نعم يا بني وحبا وكرامة لعله .
( كم أتى دون عهد أمّ جميل ... ) .
فقلت قال مل بنا إلى ها هنا فمال بي إلى دار في السوق ثم قال غنه فقلت بل تتم إحسانك يا عم وتغنيني به فإنه أطيب لنفسي فإن سمعته كما أقول غنيته وأنا غير متهيب وإن كان فيه مستصلح استعدته فضحك ثم قال أنت لست تريد أن تصحح غناءك إنما تريد أن تقول سمعتني وأنا شيخ وقد انقطعت وأنت شاب فقلت للجماعة إن رأيتم أن تسألوه أن يشفعني فيما طلبت منه فسألوه فاندفع فغناه فأعاده ثلاث مرات فما رأيت أحسن من غنائه على كبر سنه ونقصان صوته ثم قال غنه فغنيته فطرب الشيخ حتى بكى وقال اذهب يا بني فأنت أحسن الناس غناء ولئن عشت ليكونن لك شأن قال وكان بردان خفيف الروح طيب الحديث مليح النادرة مقبول الشهادة قد لقي الناس فكان بعد ذلك إذا رآني يدعوني فيأخذني معه إلى منزله ويسألني أن أغنيه فأفعل فإذا طابت نفسه سألته أن يطرح علي شيئاً من أغاني القدماء فيفعل إلى أن أخذت عنه عدة أصوات .
صوت من المائة المختارة .
( لمِنِ الدِّيارُ بحائِلٍ فُوعَالِ ... دَرَستْ وَغَيَّرها سِنُونَ خَوالِي ) .
( دَرَج البَوارِحُ فوقها فتنكَّرتْ ... بعد الأنيس مَعارِفُ الأطلال )