أصبح أتى علقمة وهو في خيمته وخلفه أم جندب فتذاكروا الشعر فقال امرؤ القيس أنا أشعر منك وقال علقمة مثل ذلك فتحاكما إلى أم جندب ففضلت أم جندب علقمة على امرىء القيس فقال لها بم فضلته علي قالت فرس ابن عبدة أجود من فرسك زجرت وضربت وحركت ساقيك وابن عبدة جامد لا مقتدر فغضب من قولها وطلقها وخلف عليها علقمة فقالت جميلة ما أحسن مجلسنا لو دام اجتماعنا ثم دعت بالغداء فأتي بألوان الأطعمة وأنواع من الفاكهة ثم قالت لولا شناعة مجلسنا لكان الشراب معدا ولكن الليل بيننا فلم يزالوا يومهم ذلك بأطيب مجلس وأحسن حديث فلما جنهم الليل دعت بالشراب ودعت لكل رجل منهم بعود وأخذت هي عودا فضربت ثم قالت اضربوا فضربوا عليها بضرب واحد وغنت بشعر امرىء القيس .
( أَأَذْكَرْتَ نفسَكَ ما لن يَعُودَا ... فهاج التَّذكُّرُ قلباً عَمِيدَا ) .
( تَذَكَّرتَ هنداً وأترابَها ... وأيَّامَ كنتَ لها مُستقيدا ) .
( ويُعجبك اللَّهْوُ والمُسْمِعاتُ ... فأصبحتَ أزمعتَ منها صُدودا ) .
( ونادمتُ قَيْصَرَ في مُلكه ... فأوجهني ورَكِبتُ البَريدا ) .
فما سمع السامعون بشيء أحسن من ذلك ثم قالت تغنوا جميعا بلحن واحد فغنوها هذا الشعر والصوت بعينه كما غنته وعلم القوم ما أرادت بهذا الشعر فقال ابن عائشة جعلت فداك نرجو أن يدوم مجلسنا ويؤثر أصحابنا المقام بالمدينة فنواسيهم من كل ما نملكه قال أبو عباد وكيف بذاك فباتوا