والهفوة وكفارة يمين خير من عدم المحبة وإعطاء النفس سؤلها خير من لجاج في غير منفعة فتحول عدي وبقي عنده الأحوص وبلغ الوليد ما جرى بينهم فدعا ابن سريج وأدخله بيتا وأرخى دونه سترا ثم أمره إذا فرغ الأحوص وعدي من كلمتيهما أن يغني فلما دخلا وأنشداه مدائح فيه رفع ابن سريج صوته من حيث لا يرونه وضرب بعوده فقال عدي يا أمير المؤمنين أتأذن لي أن أتكلم فقال قل يا عاملي قال أمثل هذا عند أمير المؤمنين ويبعث إلى ابن سريج يتخطى به رقاب قريش والعرب من تهامة إلى الشأم ترفعه أرض وتخفضه أخرى فيقال من هذا فيقال عبيد بن سريج مولى بني نوفل بعث أمير المؤمنين إليه ليسمع غناءه فقال ويحك يا عدي أو لا تعرف هذا الصوت قال لا والله ما سمعته قط ولا سمعت مثله حسنا ولولا أنه في مجلس أمير المؤمنين لقلت طائفة من الجن يتغنون فقال اخرج عليهم فخرج فإذا ابن سريج فقال عدي حق لهذا أن يحمل حق لهذا أن يحمل ثلاثا ثم أمر لهما بمثل ما أمر به لابن سريج وارتحل القوم وكان الذي غناه ابن سريج من شعر عمر بن أبي ربيعة .
( بالله يا ظَبْيَ بني الحَارِثِ ... هل مَنْ وَفَى بالعَهْدِ كالنَّاكِثِ ) .
( لا تَخْدَعَنِّي بالمُنَى باطِلاً ... وأنت بي تَلعَبُ كالعَابِث ) .
( حتّى متى أنتَ لنا هكذا ... نَفْسِي فِداءٌ لكَ يا حارثي ) .
( يا مُنْتَهى هِّمي ويا مُنْيتي ... ويا هَوَى نَفْسي ويا وَارِثي ) .
عودة الناس عن لوم ابن سريج على صنعة الغناء بعد سماع صوته ) .
قال وبلغني أن رجلا من الأشراف من قريش من موالي ابن سريج عاتبه يوما على الغناء وأنكره عليه وقال له لو أقبلت على غيره من الآداب لكان أزين