بعيدا فاستدناه فدنا حتى كان منه قريبا وقال ويحك يا عبيد لقد بلغني عنك ما حملني على الوفادة بك من كثرة أدبك وجودة اختيارك مع ظرف لسانك وحلاوة مجلسك فقال جعلت فداءك يا أمير المؤمنين تسمع بالمعيدي خير من أن تراه قال الوليد إني لأرجو ألا تكون أنت ذاك ثم قال هات ما عندك فاندفع ابن سريج فغنى بشعر الأحوص .
( أمَنزلَتَيْ سَلْمَى على القِدَمِ اسْلَمَا ... فقد هِجْتُما للشوقِ قلباً متيَّما ) .
( وذَكَّرْتُما عَصْرَ الشَّبَابِ الذي مَضى ... وجِدَّة وَصْلٍ حَبْلُه قد تَجذَّما ) .
( وإني إذا حَلَّتْ ببيشٍ مقِيمَةً ... وحَلَّ بوج جالساً أو تَتهَّمَا ) .
( يَمَانِيَةٌ شَطَّتْ فأصبحَ نَفْعُها ... رَجَاءً وظَنّاً بالمَغِيبِ مُرَجَّمَا ) .
( أُحِبُّ دُنُوِّ الدارِ منها وقد أبَى ... بها صَدْعُ شَعْبِ الدار إلاّ تَثلُّما ) .
( بَكَاها وما يَدْري سِوَى الظَنِّ مَنْ بَكَى ... أحيّاً يُبَكِّي أم تُراباً وأعظُمَا ) .
( فدَعْها وأخْلِفْ للخَلِيفَةِ مِدْحَةً ... تُزِلْ عنكَ بُؤْسَى أو تُفِيدُكَ أنْعُمَا ) .
( فإنّ بكَفَّيْه مَفَاتِيحَ رحمةٍ ... وغيْثَ حَياً يحْيا به الناس مُرْهِمَا ) .
( إمامٌ أتاه المُلْكُ عفواً ولم يُثِبْ ... على مُلْكِه مالاً حَرَاماً ولا دَمَا ) .
( تَخَيَّرُه ربُّ العِبَاد لخَلْقِه ... وَلِيّاً وكان اللهُ بالناسِ أعْلَمَا ) .
( فلمّا قَضَاه اللهُ لم يَدْعُ مُسْلِماً ... لبَيْعَتِه إلاّ أجابَ وسَلَّمَا )