سمعت الفرزدق يقول أبق غلامان لرجل منا يقال له الخضر فحدثني قال خرجت في طلبهما وأنا على ناقة لي عيساء كوماء أريد اليمامة فلما صرت في ماء لبني حنيفة يقال له الصرصران ارتفعت سحابة فرعدت وبرقت وأرخت عزاليها فعدلت إلى بعض ديارهم وسألت القرى فأجابوا فدخلت داراً لهم وأنخت الناقة وجلست تحت ظلة لهم من جريد النخل وفي الدار جويرية لهم سوداء إذ دخلت جارية كأنها سبيكة فضة وكأن عينيها كوكبان دريان فسألت الجارية لمن هذه العيساء تعني ناقتي فقالت لضيفكم هذا فعدلت إلي فقالت السلام عليكم فرددت عليها السلام فقالت لي ممن الرجل فقلت من بني حنظلة فقالت من أيهم فقلت من بني نهشل فتبسمت وقالت أنت إذا ممن عناه الفرزدق بقوله .
( إن الذي سمَك السماءَ بنَى لنا ... بيتاً دعائمُه أعزُّ وأطولُ ) .
( بيتاً بناه لنا المليكُ وما بَنَى ... مَلِكُ السماءِ فإنه لا يُنْقَلُ ) .
( بيتاً زُرَارةُ مُحْتَبٍ بفِنائه ... ومُجَاشِعٌ وأبو الفَوَارِس نَهْشَلُ ) .
قال فقلت نعم جعلت فداك وأعجبني ما سمعت منها فضحكت وقالت فإن ابن الخطفي قد هدم عليكم بيتكم هذا الذي فخرتم به حيث يقول .
( أَخْزَى الذي رفَع السماء مُجَاشِعاً ... وبَنى بِناءكَ بالحَضيض الأسفل ) .
( بيتاً يُحَمِّمُ قَيْنُكم بفِنائه ... دَنِساً مَقَاعِدُه خبيثَ المَدْخَلِ )